أول مطعم يعمل بالطاقة الشمسية في تشيلي

أول مطعم يعمل بالطاقة الشمسية في تشيلي

تتذكر صاحبة هذا المطعم لوسيلا روخاس Lucila Rojas ذات الأربعة وعشرين عاماً بداية الفكرة، وتقول كنا جميعاً سكان منطقة فيكونا Vicuna نعاني من قلة الحطب الذي نستخدمه للطهي، حتى أن البعض كان يسرقه لقلته في منطقتنا وكان دائماً سبب للنزاع بيننا، وهي مشكلة كبيرة في تشيلي إذ مثل الحطب في ذلك الوقت خُمس مصادر الطاقة، حتى جاء عام 1989م وقررت لوسيلا مع أربع صديقات من بين سكان القرية البالغ عددهم 300 شخصاً، قرروا جميعاً توفير موقد يعمل بالطاقة الشمسية في منزلها، واستغرق الأمر أربعة شهور كاملة عملوا فيها لبناء أول موقد يعتمد على الطاقة الشمسية، وجمعوا تبرعات من مصادر متعددة وصلت إلى 700 دولار، ونجحوا بعد عدة سنوات في بناء 33 موقداً يعمل بالطاقة الشمسية.

الطريق المؤدي إلى مطعم Villaseca بمنطقة فيكونا

اليوم أصبح في نفس هذا المكان مطعم Villaseca الذي يقصده آلاف السياح من كل أنحاء تشيلي، ويحتوي على أكثر من عشرة آلاف لوحاً يعملون بالطاقة الشمسية، وهي القرية الوحيدة في تشيلي التي تستخدم هذه الطاقة الجديدة والنظيفة بشكل كامل في الطهي، وأصبح الـ 310 يوماً في السنة التي تظهر فيها الشمس في تشيلي كافية لسد حاجة سكان كل منطقة فيكونا، بل وتزيد عن حاجتهم.

مطعم Villaseca لم يعد مجرد رفاهية أو استخدام أسلوب جديد في الطهي، وإنما حاجة مُلحة بهذه المنطقة التي تعتمد قديماً على الحطب الذي بدأ يتناقص بصورة كبيرة بسبب الهجوم الشرس على غابات تشيلي، إذ يقدر العلماء أن الغابات تتناقص هناك بمتوسط 133 ألف فدان سنوياً، وأشار البنك المركزي سنة 1995 بأن تشيلي ستختفي من الوجود خلال 30 سنة لو استمرت بهذا المعدل الخطير، لذا فهذا الأسلوب الجديد لاستغلال الطاقة مطلب حيوي جداً وليس له أي جوانب سلبية.

الألواح الشمسية خارج المطعم التي تقوم بتحويل الطاقة الشمسية وتخزينها

ومما زاد من شعبية المطعم في المناطق المجاورة حتى ذاع صيته في تشيلي كلها؛ هي تلك الشائعات التي حاول الكثيرون إطلاقها والترويج لها في أن الطعام المطبوخ بالطاقة الشمسية يسبب السرطان لكل من يتناوله، وحينها صدر تكذيب بأن الطهي بهذه الطريقة يجعل الأكل خالياً من أول أكسيد الكربون الضار بصحة الإنسان على عكس الطعام المطبوخ بالمواقد العادية، لذا اتجه عدد كبير من سكان تشيلي لهذا الأسلوب وأقبل الناس والسياح على تجربة المطعم ليس فقط حباً في تغيير الأسلوب القديم وإنما في محاولة لتجنب أضرار أول أكسيد الكربون.

الجليدية في الشتاء تحيط بمنطقة فيكونا

افتتح مطعم Villaseca منذ 11 شهراً فقط، بمنحة قدرها 10 آلاف دولار من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واليوم يعج المطعم بالوفود السياحية من المدن المجاورة لهذه المنطقة حتى أنه طاقمه مكون من 24 فرداً لخدمة هذا العدد الكبير من السياح الذين يتزايدون بشكل يومي، ويلزم الحجز مسبقاً في موسم الصيف، ويقول العاملون فيه بأن عليهم نشر هذا الأسلوب الجديد في العالم كله، يكفي أنه مريح في العمل ولا يحتاج لمداخن ولا ينتج عنه أية جوانب سلبية.

المنطقة التي يطل عليها مطعم Villaseca

 

وتقع منطقة فيكونا شمال شرق تشيلي، بالقرب من حدودها مع الأرجنتين، وهي منطقة صحراوية تتخللها أنهار صغيرة. وتصل درجات الحرارة فيها صيفاً إلى 32 درجة مئوية مما شجع على إقامة المطعم بها، ويندر سقوط الأمطار في فصل الشتاء، ورغم كل ذلك فإن بها سلسلة جبال عالية تُكسى بالثلوج شتاءً، وهذا التنوع في طبيعتها جعلها منطقة جاذبة للسياح من داخلها ومن الدول المجاورة لها كالأرجنتين والإكوادور والبرازيل.