دراسة بعنوان نحو اقامة حكومة الكترونية في محافظة كربلاء المقدسة

2-   في 20 / ت1 / 2014 : ( دراسة بعنوان نحو اقامة حكومة الكترونية في محافظة كربلاء المقدسة)

      كانت مجلة المعرفة وهي مجلة شهرية تعنى بتنمية الوعي الديمقراطي والقانوني والاجتماعي وثقافة حقوق الانسان , قد نشرت دراسة للدكتور أكرم الياسري بعنوان (( نحو اقامة حكومة الكترونية في محافظة كربلاء المقدسة )) ونظراً لضرورة هذه الدراسة وأهميتها ننشرها للسادة القراء وكما في ادناه :

     اذا كنا متفقين جميعاً على ضرورة تحسين وتطوير الاداء الحكومي بشكل عام , والأداء الحكومي المحلي في محافظة كربلاء بشكل خاص , اذن تعالوا نفكر سوية لمناقشة الوسائل الممكنة لاحداث مثل هذا التغيير على نحو يجعله اكثر شفافية وكفاءة وقدرة على توفير الخدمات والمعلومات للمواطنين . . .

    وفي هذه الدراسة المتواضعة سيتم مناقشة امكانية انشاء حكومة محلية الكترونية في محافظة كربلاء , وقد يبدو الموضوع سابقاً لأوانه في الوهلة الاولى بسبب التحديات العديدة التي تواجه تطبيق هذا المشروع , يأتي في مقدمتها عدم الاستقرار الامني , وتحديات اخرى تتعلق بغياب البنية التحتية الضرورية لهذا النوع من الحكومات , وارتفاع التكاليف المادية , وجهل قطاعات واسعة من المجتمع في استخدام مثل هذه التكنولوجيا , وعدم وضوح الرؤيا المستقبلية لدى القيادات الادارية وغيرها .

    الا ان نظرة فاحصة لمواقع القوة التي تمتلكها مؤسساتنا الحكومية المحلية في الموارد والامكانيات المادية والبشرية والتكنولوجية والمعلوماتية تجعلنا اكثر تفاؤلاً , ويعزز ذلك الفرص المتاحة في البيئة الخارجية التي تساعد على تطبيق هذا النظام في محافظتنا المقدسة .

   فقد شهد العالم ثورة في تكنولوجيا المعلومات ساهمت في تشكيل ملامح القرن الحادي والعشرين وانعكس تأثيرها على اسلوب حياة الناس … في التعليم … في العمل … في الثقافة … وفي كل مناهج الحياة وسينعكس ذلك ان عاجلاً ام آجلاً , شئنا ام ابينا على اسلوب تفاعل الحكومات مع المجتمع المدني الحديث , وعلى الاسراع بعملية التنمية لما لها من قدرة على جذب الاستثمارات ( وما احوجنا اليها اليوم ) , وتشجيع منظمات الاعمال , والاجهزة الادارية الحكومية على الدخول في عالم الاعمال الالكترونية .

    فلم يعد من المنطق في ظل هذه الثورة في تكنولوجيا المعلومات ان تقدم الاجهزة الحكومية خدماتها الى المواطنين والمستثمرين بالاسلوب التقليدي القديم القائم على الادارة الورقية سواء في مجال : دفع قوائم الماء او الكهرباء او الهاتف , او في مجال التسجيل العقاري , او دوائر البلدية , والضريبة والجنسية ,والمرور وغيرها , بل يمكن ذلك باستخدام اسلوب الاداء الالكتروني كاستخدام بطاقات الائتمان مثلاً عبر شبكة الانترنت في تسديد قوائم الخدمات المستحقة على المواطنين دون الذهاب الى الدوائر المعنية , او استخدام وسائل حفظ وتخزين واسترجاع وادارة البيانات والمعلومات الكترونياً بدل الاساليب التقليدية القديمة وليس هذا ببعيد , وكما هو معلوم للقارئ الكريم , فقد شرعت ليس الدول الغربية بل الدول العربية منذ زمن في الاخذ بنظام الحكومة الالكترونية لتوفير الخدمات للمواطنين بدل من الملفات ( الاضابير ) والدواليب الحديدية لحفظ المستندات التي لازالت دوائرنا الخدمية تشتري المزيد من هذه الوسائل وتستخدم الحاسبات الالكترونية للإغراض الطباعية فقط مع استخدامات محدودة اخرى .

    اذن هذه الدعوة جادة للتفكير بهذا الموضوع ملياً والإقدام على اتخاذ القرار الاستراتيجي وإحداث التغيير المطلوب , وعند ذاك سيجري الحديث عن نوع التغيير هل هو تغيير جذري ام تغيير تدريجي ولكل حادث حديث .

     ومن اجل اعطاء تفاصيل اكثر عن الموضوع لابد من توضيح النقاط الآتية :-

اولاً معنى الحكومة الالكترونية :

     يقصد بالحكومة الالكترونية استخدام الشبكة العالمية ( الانترنت ) وشبكات الاتصال الحديثة لتقديم المعلومات والخدمات الحكومية للمواطنين والمستثمرين ومجتمعات الاعمال بهدف رفع كفاءة اداء الاجهزة الحكومية وتحقيق الفاعلية في التعامل بدلاً من الوقوف في طوابير , وإضاعة الوقت والجهد , وتعطيل المصالح , وتأخير اداء الخدمة .

ثانياً – فوائد تطبيق الحكومة المحلية الالكترونية :

     تهدف الدول من وراء تطبيق الحكومة الالكترونية الى تحقيق مجموعة من الاهداف اهمها مايأتي :

1- تقديم الخدمات والمعلومات للمواطنين المحليين : وتتضمن الخدمات والمعلومات التي توفرها المواقع الالكترونية للحكومات المحلية , وصف الوحدات التنظيمية التي تتألف منها الحكومة ,ومعلومات عمن يمكن الاتصال بهم للحصول على خدمة ما , وبيانات التنمية الاقتصادية , وجدول انشطة الحكومة المحلية , ومحاضر الاجتماعات والتشريعات المحلية , ومعلومات سياحية , ومواقع التصويت , ومعلومات تاريخية محلية , وهناك بعض المواقع تسمح للمواطنين بالدخول الى الموقع للبحث عن جدول اعمال المجالس المحلية ومحاضر اجتماعها, اضافة الى معلومات الحجز في الاماكن الترفيهية ومعلومات عن ضريبة العقار والدخل وغير ذلك , ومما يذكر في هذا المجال ان عدد الخدمات التي يتم تقديمها عن طريق الموقع الرئيسي للخدمات الحكومية الالكترونية في احدى الدول المتقدمة قد وصل الى اكثر من (8500) خدمة .

2- تمكين المواطنين من الممارسة الديمقراطية : يستطيع المواطنون من خلال الحكومة الالكترونية ان يمارسوا حقوقهم الديمقراطية وان يشاركوا في جميع القضايا المحلية والمتمثلة في : الحملات الانتخابية , تسجيل اصوات الناخبين , ونتائج الاقتراع , واستطلاع آراء المواطنين , وعقد منتديات ولقاءات جماهيرية .

    وفي بعض الدول تقوم الحكومة المحلية بوضع جدول اعمال المجلس المحلي للاجتماع القادم على مواقعها الالكترونية وكما يستطيع المواطنون مخاطبة اعضاء المجلس المحلي عبر البريد الالكتروني خلال اجتماعات المجلس ويتمكن المواطن من عرض اسئلته ومداخلاته خلال الاجتماع واعتبار تلك الاسئلة والمداخلات جزءا من محضر الاجتماع الرسمي .

3- زيادة كفاءة الوحدات المحلية : يؤدي تطبيق الحكومةالمحلية الالكترونية الى زيادة كفاءة الوحدات المحلية حيث يترتب على ذلك توفير الوقت والجهد اللازم لانجاز المعاملات والخدمات فضلاً عن تخفيض التكاليف . كما يؤدي الى شفافية الاداء حيث تنخفض الى درجة كبيرة العمليات التي يشوبها الفساد الاداري وتصبح جميع الاعمال قابلة للمسائلة والمراجعة من قبل طالب الخدمة والحكومة .

4- تحقيق الاتصال الفعال : ان استخدام تكنولوجيا الاتصالات في الحكومات المحلية يسهل على الموظفين الاطلاع على ما يجري من عمليات وإجراءات في كل ادارة من اداراتها وكما يمكن مديري ورؤساء الوحدات التنظيمية من اطلاع رؤسائهم اولاً بأول عن انشطتهم عبر البريد الالكتروني , كما ان هذا الاطار التكنولوجي يوفر فرصة توزيع الوثائق والتصديق عليها الكترونياً بدلاً من طباعتها ومراجعتها ورقياً وإيصالها عن طريق ساعي البريد التقليدي وما يرافق تلك العملية من الضياع والتأخير والتزوير وغيرها من المشاكل .

ثالثاً – مقومات نجاح الحكومة الالكترونية : يتطلب تطبيق الحكومة الالكترونية توافر مجموعة عناصر من اهمها ما يأتي :-

1-   تطوير التشريعات بما يسهل عمل الحكومة الالكترونية : حيث يتطلب هذا التطوير استبعاد جميع اشكال التعقيد وتكرار طلب المستندات , وتتابع الاجراءات دون اضافة ملموسة في تحقيق النتائج , كما يتطلب تفعيل نظام الحكومة الالكترونية قبول مفاهيم جديدة لا تستوعبها التشريعات الحالية مثل التوقيع الالكتروني على المستندات وأهمية الاعتراف به مع استخدام التقنيات التي تضمن حماية المعاملات الالكترونية من التزوير والتلاعب .

2-   التنسيق بين الجهات المشتركة في تقديم خدمة او معاملة معينة : اذا كان الهدف من الحكومة الالكترونية هو حصول المواطنين على الخدمات , فان ذلك يتطلب ضرورة التنسيق بين الجهات المختلفة المشتركة في انجاز معاملة معينة او في تقديم خدمة محددة , وعلى سبيل المثال اذا كان انجاز معاملة منح اجازة بناء يتطلب من المواطن مقدم الطلب ان يحصل على موافقات من عدة دوائر حكومية مثل دائرة البلدية , والتخطيط العمراني , والكهرباء , والماء , وغيرها , فان التحول الى الحكومة الالكترونية يتطلب ان تنسق هذه الدوائر الحكومية علاقتها فيما بينها , بحيث يتعامل المواطن مع جهة واحدة فقط تتولى هي الكترونياً جميع المعاملات مع الدوائر الاخرى المختصة . وبذلك تتحقق الغاية الاساسية من الحكومة الالكترونية , وفي غياب هذا التحول الجماعي والتنسيق التام والتعامل الالكتروني بين وحدات الحكومة ذاتها , يصبح الحديث عن الحكومة الالكترونية غير ذي معنى ويهدر الجهود المبذولة في هذا المجال .

3-   تمكين المواطنين من التعامل مع الحكومة الالكترونية : يقتضي التعامل مع شبكة الانترنت للحصول على الخدمات الحكومية ان يكون المواطن ملماً بالقراءة والكتابة وعلى معرفة بطرق التعامل مع الشبكة , ويأتي هنا على عاتق المؤسسات التعليمية مسؤولية تطوير مناهج وتقنيات التعليم لاعداد الطلاب اعداد يتفق ومعطيات العصر الالكتروني الذي نعيشه القادرين على التعامل مع تقنيات الاتصال والمعلومات , ومن ثم التوافق مع متطلبات سوق العمل وتوفير الخبرات اللازمة للحكومة ومؤسسات الاعمال ومنظمات المجتمع كافة .

4-   ضرورة توافر الحماية والأمن للمعلومات : يعد الامن المعلوماتي من اهم مقومات قيام ونجاح الحكومة الالكترونية , ومن هذا المنطلق يجب اعطاء هذا الموضوع الرعاية الكاملة والدعم اللازم حيث يجب تحقيق الحماية ضد عمليات القرصنة وإعاقة وصول المعلومات او تشويهها وعمليات التزوير والاعتداء على حقوق الغير وحماية الحقوق الفكرية وحماية التوقيعات الالكترونية وعمليات الدفع والتحصيل وتوقيع عقوبات صارمة على المخالفين وزيادة الرقابة على المعلومات الحكومية .

5-   توفير آلية الدفع الالكتروني : يفرض التعامل مع اجهزة الحكومة عبر شبكة الانترنت توافر آلية للدفع الالكتروني لاستخدامها في سداد الرسوم المفروضة للحصول على الخدمات المختلفة , وهذا يقتضي النظر في احد بديلين او كليهما :-

أ‌-       تيسير وتعميم اصدار بطاقات الدفع الالكتروني عن طريق المصارف , ودوائر البريد , والمؤسسات المالية , والشركات التجارية وغيرها , وقبولها في سداد رسوم الخدمات وشراء المنتجات عبر شبكة الانترنت .

ب‌- اصدار وسيلة دفع جديدة تسمى الدينار الالكتروني , يحصل عليه الراغبون في التعامل مع اجهزة الحكومة الالكترونية ويستخدمونها في سداد رسوم تلك الخدمات .

رابعاً – تشكيل هيأة لقيام حكومة محلية الكترونية : من اجل ضمان نجاح تطبيق حكومة محلية الكترونية في محافظة كربلاء لابد من انشاء مجلس او هيئة عليا تهتم بتطوير او تشجيع قيام الحكومة الالكترونية , وعمل مبادرات مدروسة لضمان امن المعلومات , واختيار وتدريب الموارد البشرية , وتطوير اساليب تأمين تدفق البيانات والمعلومات , مع تطوير معايير لصياغة المستندات وإدخال تقنيات ادارية تتسم بالكفاءة والفاعلية .

      ويذكر في هذا المجال ان الحكومة المركزية في بغداد تعمل على انشاء وتطوير الحكومة الالكترونية وتبادل المعلومات عن طريق وزارة العلوم والتكنولوجيا حيث وقعت في وقت سابق عقد مع الحكومة الايطالية بدعم الشبكة الحالية للاتصالات في العراق وتزويدها بمنظومات حديثة تتجاوز مشاكل التيار الكهربائي بحيث يستمر عمل منظومة الانترنت بالاعتماد على الطاقة الشمسية والتيار البديل الذي تزود به المنظومة , والعمل متواصل على هذا المسار .

     وفي الختام , ينبغي علينا ان لا نتصور ان الموضوع بعيد عن التطبيق حيث ان معالم الحكومة الالكترونية هي على ارض الواقع فعلاً , وما المواقع الالكترونية لمجلس المحافظة وبعض الدوائر الرسمية فيها , ومواقع بعض الصحف والمجلات وموقع الروضتين الحسينية والعباسية , وجامعة كربلاء , وجامعة اهل البيت , وغيرها إلا دليل على وجود بوادر الحكومة الالكترونية المحلية ولا يحتاج الامر إلا الى تنشيط وتفعيل المواقع القائمة وافتتاح مواقع جديدة للدوائر الخدمية المهمة الاخرى وإيجاد آلية التواصل مع المواطنين من اجل تقديم الخدمات والمعلومات .

موبايل        07801014553    

ايميل         alyasiry1@yahoo.com