المراحل التاريخية التي مرت بها المحافظة:

 

مرت المدينـة في مراحل تاريخيـة متعاقبـة أدت الى تطورهـا بشكل مسـتمر ، ففـي عـام (65 هـ ،684 م ) قام المختار بن عبيدة الثقفي بإحاطة قبر الامام الحسين (ع) بحائط كالمسجد وبنى عليهـا من الدور وبذلك يكون المختار اول من وضع حجر

قبة من الاجر والحصى ، وبنى حوله عددا الاساس لمدينة كربلاء الحالية(8)

اما البنـاء الحالي فوق القبر فيعود الى المـدة (247 هـ – 941 م) اذ أمر المنتصـر باللهبإعادة بناء القبر   ( الذي هدمه ابوه المتوكل على االله العباسي ) وكان ذلك في عام 247 هـ اذ لميكتف بهدم القبـر بل هدم ما حوله من المنازل والدور كما أمر بسقي موضع قبره ومنع الناس منزيارته ، وقد دعا المنتصـر بالله الناس لزيارته ، فأخذ المسلمون في ايامـه يتوافدون الى كربلاء ويعمرونها وكان اول من سكنها هـو تاج الدين ابراهيم المجاب حفيـد الامـام موسى بن جعفـر (ع) وقد بدأ السكان ببناء دورهم حول المرقد (9)وقـد ازدهرت المدينـة فـي عهـد البويهيين اذ زارهـا عضـد الدولـة البويهي في عـام (278 هـ -980 م) فأمر ببناء ضريح سيدنا العباس (ع) وفوقه قبة من الآجر ، كما احاط المدينة بسـور يعتبراول سور في تاريخ المدينة ، وانشأ الحانات والاسواق بين وحول المرقدين ، وهكذا تطورت المدينـة بشكل كبير وشعر الناس بالأمان والاستقرار ، فظهرت كربلاء في عهده عامرة مزدهرة ثقافيا وعمرانيا ً(10) وقـد سـاء حـال المدينة في المـدة التي حكـم فيهـا السـلاجقـة العـراق (447-590)(1055-1193م ) فهي مدة غامضة ومضطربة ، وتقلصت مساحتها بسبب التدهور الذي أصـاب بعض محلاتها وساءت حالتها الاقتصاديـة بسبب فقدان الامن والاسـتقرار فيها ونهب القبر الشريف عـام (448 هـ) ، ثم بعد ذلك ازدهـرت المدينة مرة اخرى في اواخـر الدولة العباسية حتـى دخـول المغول بغداد عام (656 هـ – 1258 م) فانعكس التأخـر الحضاري للمغـول على معظم مـدن العراق كبغداد والبصرة والموصـل واربيـل وعلى الرغم من أن الخراب والدمار قد أصاب عددا

وواسـط ، فقد سلمت المدن الدينية وما يحيطهـا من الدمـار والتخـريب ، بـل ان مدن المراقد المقدسة وقد حظيت بالعناية من بعض السلاطين المغول الذين اعتنقوا الاسلام

 

 

 

 

(8)الكليدار ، عبد جواد ، تاريخ كربلاء وحائر الحسين ، المطبعة الحيدرية ، النجف ، 1967 : ص 29) .

(9)العيسى ، علـي عبـاس علـي ، الـسياحة الدينيـة فـي محافظـة كـربلاء ، رسـالة ماجـستير مقدمـة الـى مجلـس كليـة الادارة والاقتصاد

(10) الكليدار، محمد حسن، مختصر تاريخ كربلاء ، مطبعة الارشاد ، بغداد ، 1971 : ص 19)

 

اذ زار السلطان محمود غازان الديلخاني كربلاء مـرات عدة ، وفي عام (702 هـ) امر بتعمير المرقدين وتحسين الخدمات المقدمة للزوار ، كما أمـر بتنظيف نهر العلقمي في عهده .(11)وفي عام (767هـ) ثم تشييد منارة العبد الشهيرة في مرقـد الامام الحسين (ع) وهي مأذنة مرجانفي عهد السلطان اوسي الجلائري ، وكانت هذه المأذنة القائمة في مؤخـرة الصحن تمثل أحد المعالم المعماريـة التاريخيـة المهمـة في المدينة ، وكان يبلـغ ارتفاعهـا (40 م) وقطر قاعدتهـا (20م) اذ تعد أفخم وأعظم المآذن الموجـودة في العتبات المقدسة ، ومن حيث الفخامـة في  (6 قرون)(12)الابنية التاريخية فقد كانـت هي الثانية في العراق بعد ملوية سامراء وفي عام (1937م) هدمت المنارة بعد ما حصل فيها تصـدع نظرا للاعوجاج فأمر رئيس الوزراء ياسين الهاشمي آنذاك بهدمها وخسرت المدينة التاريخية واحـدة مـن أبرز معالمها التي كان ينبغي الحفاظ عليها كجزء من الحفاظ على هوية هذه المدينة وأصالتها(13) وفي عام (941 هـ – 1524 م) فتح السلطان سليمان القانوني بغداد ، وحظيت مدينة كربلاء برعايته فنظم الطرق وبنى المساكن فازدهرت المدينة في عهده ، وفي عام (1216 هـ – 1801 م) تعرضت المدينة الى هجوم الوهابيين ، فأصابها الخراب ، اذ نهبوا الحضرتين وقتلوا وجرحوا عددامن سكانها ، وفي عام (1802م) تم بناء سـورها ثانية على شكل دائـرة تقريبـا كبيـرا أبواب سميت بأسماء المحلات القريبة منها وهي ( محلة باب الخان ومحلة باب العلوة او باب بغـداد ومحلة باب السلالمة ومحلة باب الطاق ومحلة المخيم) ، وقد تعرضت كربلاء لمدة من الاضطراباتفي السنوات اللاحقة قبـل أن تعود اليها حياة الاستقرار والهدوء في عهد الوالي مدحت باشا ، حيثاتسـعت المدينة الى أبعـد من ذلك وامتدت نحو الجنوب بعد أن هدم سورها من جهة محلة بابالنجف وبنيت محلـة العباسية التي امتـدت وتوسـعت وانقسمت الى قسمين العباسية الشرقيـةوالعباسية الغربية ، وفي عام (1911 م) وصفـت في أحد التقارير الانكليزية بأنها مدينة تحتوي على(5000)بيت حسن البناء ، وخلال عهد الاحتلال البريطاني للعراق ، حيث كانت مدينة كربلاء فيحول المرقدين المقدسـين ، وعندما أنشأ الانكليز خط سكة حديدهذه المـدة ذات شكل دائري تقريبابين بغداد والبصرة ، مد فرع من هذا الخط الى مدينة كربلاء في أواخر عام 1923 وقد أنشأتمحطة للقطار في الجزء الجنوبي للمدينة وبذلك اصبحت نقطـة جذب جديدة للسكان ، اذ تزايدتاهمية هذا الخط بتزايد المسافرين من المدينة واليها ، مما أدى الى زيـادة امتداد التوسع العمرانيبالاتجاه الجنوبي ، ومما زاد من اهمية هذه المنطقة ، هو انشاء مستشـفى فيهـا (المستشفى الملكي)  بسعة (80)سرير (يسمى اليوم المستشفى القديم) بالقرب مـن محطة القطـار(14) وفي المدة (1930 – 1948 م) توسـعت المدينة واحياءها بين المدينة القديمة ومحطـة القطار وفي السنوات (1948 -1958 م) تعرضت التي اصبحت مركزا لتجمع عدد من الوحدات السكنيةمدينـة كربلاء لأحداث مهمة تمثلت بفتح الشوارع المستقيمة في جسم المدينـة بشكل متعسف ، ففيعـام (1948م) فتح الشارع المحيط بمرقد الامام الحسين (ع) (باب القبلة) ثم المنطقة المحيطة بمرقدسيدنا العباس (ع) عام (1955 م) ، ومنذ عام (1968 م) وحتى الآن اتسعت مدينة كربلاء اتساعالم يسبق له مثيل باتجاه الغرب والجنوب ( وذلك لكون شمال وشرق المدينة تتكون من بساتين النخيل والاراضي الصالحة للزراعة ) بسبب زيادة عدد السكان مكانيا وطبيعيا ، باستثناء ما تعرضتله ابنية المدينة من تخريب خلال عام (1991 م)(15)

 

 

(11)خصباك ، جعفر حسين ، العراق في عهد المغول الايلخايين ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1968 : ص 93) .

(12)الخليلـي ، جعفـر ، موسـوعة العتبـات المقدسـة ، قـسم كـربلاء ، الجـزء الاول ، مطبعـة دار التعـارف ، بغـداد.  226ص: 1966

(13)العيسى ، علي عباس علي ، مصدر سابق : ص 57)

(14)نفسالمصدر السابق : ص 57)

(15)العيسى ، علي عباس علي ، مصدر سابق : ص 62)