اذا أردت أن تخرج من مدينة كربلاء المقدسة نحو الجهة الجنوبية الغربية من المدينة وباتجاه الصحراء، فستمر بأطلال حضارة تعود الى 1300 قبل الميلاد يطلق عليها كهوف الطار والتي كان الانسان العراقي الاول يلتجأ اليها للحماية من اخطار الطبيعة والبشر. ثمّ سيلوح إليك من بعيد معلم تاريخي له من الصيت والشهرة ما وصل الآفاق، ألا وهو معلم الأخيضر.

     وتكمل رحلتك عبر الصحراء حتى يلوح لك في الافق جنة من جنان الله على الارض غابة من النخيل وواحة في وسط الصحراء تلك هي شثاثا التي تعرف اليوم بمدينة عين التمر التي تبعد عن كربلاء المقدسة مسافة 67 كم.

هي مدينة قديمة ويعتقد بأن تاريخها يعود الى 3000 سنة قبل الميلاد وان الاسم القديم لها شفافا (شثاثا) ويعني باللغة الارامية (الرائقة الصافية). ويذكر أيضاً أنها كانت جزء من مملكة الحيرة. وتضم معالماً أثرية عديدة، إذ يشاهد اليوم بعض الأطلال لقصر شمعون بن جابر اللخمي (الذي نصر النعمان الرابع سنة 593م) ولكن بعض الاهالي قد بنوا بداخله بيوتا لهم.

عرفت شثاثا الإسلام سنة 12 هـ إذ غزاها خالد بن الوليد بع أن حاصر المدينة وبعدما استسلم أهلها قام بقتل المستسلمين وهم من العرب النصارى وبعض الفرس، وسبي نسائهم وأرسل 40 غلام من السبايا الى المدينة(1). وسكان المدينة من العشائر العربية.

     تكثر في شثاثا العيون المعدنية التي تخرج من باطن الارض والتي يتم عملية سقي المزارع منها. وتمتاز مياه تلك العيون بقليلة الملوحة وتحتوي على الكلوريد والكبريتات ولذلك لا تصلح للشرب. وعرفت هذه المدينة بكثرة اشجار النخيل والفواكه الاخرى فيها.

ولا تقتصر لسياحة في مدينة عين التمر على التمتع في مشاهدة العيون الصافية والاستحمام بها للعلاج من بعض الامراض الجلدية، بل ان هناك سياحة دينية، إذ يفد إليها الناس من كل حدب وصوب وتعتبر اماكن مقدسة يتبرك بها الناس، إذ تتمتع المدينة بمقام الامام الحسن “ع”. إذ يعتقد بأن الامام الحسن قد وصل الى هذا المكان وصلى فيه. وكذلك مقام دوسة الامام علي  “ع”. ويعتقد بأن الامام علي (ع) قد وقف في هذا المكان. وهناك أيضاً حوض الامام علي (ع) إذ يعتقد بأن الامام علي قد اغتسل في هذا المكان.

      كما تحتوي المدينة على مقام الامام زين العابدين (ع) أو مرور السبايا، ويقع المقام قبل الدخول الى المدينة ويعتقد بأن مرور سبايا من آل بيت النبي (ص) قد مكثوا في هذا المكان وكان ذلك بعد فاجعة كربلاء وأثناء رجوعهم الى المدينة من الشام. وهناك كذلك قبر أحمد بن هاشم بن ابراهيم المجاب بن الامام موسى الكاظم (ع) الذي يقع خارج المدينة في الجهة الغربية منها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)     راجع كتاب الخراج للقاضي ابي يوسف صاحب الامام الشهيد ابي حنيفة.