هناك علاقة متبادلة بين جميع الكائنات الحية والعوامل البيئية المحيطة بها بدون تدخل خارجي، وهي علاقة متوازنة بيئياً وتنظيماً وذاتياً، وهذه العلاقة المتبادلة هي علاقة الطبيعة والحياة، بواسطة العلاقات البايلوجية كالكاربون والنيتروجين والأوكسجين والهايدروجين، فالنباتات تحول هذه المواد غير العضوية الى مواد عضوية كمادة غذائية لها، وتعتمد الحيوانات على النباتات في تغذيتها، وتتغذى الملايين من الكائنات الحية الموجودة في التربة على المخلفات الحيوانية والنباتية، ويتغذى الإنسان ويستمد طاقته من النباتات والحيوانات والموارد الطبيعية في البيئة. إن هذا التعقيد غير المحدد للبيئة أدى الى المحافظة على توازنها الطبيعي لملايين السنين التي خلت.

     لقد صار التلوث في عصرنا من أبرز المشكلات وأخطرها في تاريخ البشرية ما دفع العلماء والباحثين والدارسين أن يقوموا بأبحاثهم ودراساتهم في إيجاد المعالجات والحلول للحد من تفاقم تلك المشكلات التي تؤدي الى التدهور البيئي في العالم. وقد سببت التطور المتنامي في المجالات الحياتية المتشعبة كافة الى حدوث أضرار كان من نتيجتها تلوث البيئة (البحرية والجوية والبرية).

    وعلى ضوء ذلك؛ أصبحت البيئة الشغل الشاغل للعالم الذي يعيش في المحيط الحيوي للأرض حفاظاً عليه وحماية له.

     لقد قامت منظمة التعاون والتنمية الأوربية بتعريف التلوث على أنه: قيام الانسان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بإلحاق الأضرار بالببيئة الطبيعية والكائنات الحية ونواحي الحياة. وعرّف بعض الباحثين التلوث بشكل عام بأنه: طارئ أدخل في التركيبة الطبيعية أي الكيمياوية والفيزيائية والبيولوجية للهواء أو للأرض أو للماء فأدى الى تغيّر أو فساد أو تدني في نوعية تلك العناصر مما يلحق الضرر بحياة الانسان ومجمل الكائنات الحية ويتلف المواد الطبيعية ويؤدي الى تلوثها. وقام فريق من علماء الكيمياء في جامعة ستراسبورغ الفرنسية بمن فيهم البروفسور روبير ابراهيم عرّف التلوث بأنه: ” وجود أشياء غريبة في مكانها وزمانها ونسب عالية بحيث تشكل مصدر خطر للانسان والحيوان والنبات كونه عاملاً يلحق الضرر والخلق في النظام الايكولوجي.

      عند التطرق الى هذا المفهوم، يرقى إلى ذهن أي فرد منا: (إنّه الشيء غير النظيف)، وبالتالي بأضرار ومشاكل صحية للإنسان بل وللكائنات الحية، والعالم بأكمله ولكن إذا نظرنا لمفهوم التلوث بشكل أكثر علمية ودقة : هو إحداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته اليومية مما يؤدي إلى ظهور بعض الموارد التي لا تتلائم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي ويؤدي إلى اختلاله.

       ومن هنا نجد أن الإنسان هو الذي يتحكم بشكل أساسي في جعل هذه الملوثات إما مورداً نافعاً أو تحويلها إلى موارد ضارة، فالإنسان يخترع، يصنع، يستخدم، وهو المكون الأساسي للسكان. بمعنى أن هناك تغيرات فيزياوية وكيمياوية أو حياتية أو جمالية كلاً أو جزءاً، وهذه التغيرات يحدثها الإنسان بالعناصر الطبيعية البيئية، كالماء والهواء ما يؤدي الى تغيّر صفات العناصر ومواصفاتها. وبمعنى آخر: إطلاق عناصر أو مركبات أو مخاليط غازية أو سائلة أو صلبة الى عناصر البيئة التي هي الهواء والماء والتربة، مما يسبب تغيراً في جودة هذه العناصر.

      فالتغيرات غير المرغوب فيها والتي تحصل في محيطنا الحيوي والناتجة عن الانشطة والفعاليات البشرية (الإنسان) بشكل مباشر أو غير مباشر، نتيجة لإلقاء النفايات بما يفسد جمال البيئة ونظافتها فيؤدي ذلك الى حدوث تغير أو خلل في مكونات البيئة الحية بحيث يؤدي الى شلل النظام الأيكولوجي أو يقلل من قدرته على أداء دوره الطبيعي في التخلص الذاتي من الملوثات الناجمة عن عوامل كثيرة بفعل الانسان.