يمثل السكان أو الجماعة مجموعة من الأفراد تنتمي لنفس النوع ولها القدرة على التكاثر في ما بينها، وتقطن منطقة بيئية محددة، وتمتاز الجماعات بالكثافة السكانية، وبالتركيب العمري، ومعدل النمو، والديناميكية (نسبة المواليد والهجرة الداخلية مقارنة بنسبة الوفيات والهجرة الخارجية). أما المجتمع فهو يمثل تفاعل مجموعة الجماعات، التي تعيش في منطقة بيئية محددة، مع بعضها الآخر. وتمتاز المجتمعات بطبيعتها الفيزيائية، وظاهرة التنوع، والسيادة، والأدوار الوظيفية، التي تقوم بها الجماعات المختلفة من خلاله.

    ومعنى ذلك يعدّ الإنسان أهم عامل حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وكلما توالت الأعوام ازداد تحكماً وسلطاناً في البيئة، وخاصة بعد أن يسر له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته إلى الغذاء والكساء. وهكذا قطع الإنسان أشجار الغابات وحول أرضها إلى مزارع ومصانع ومساكن، وأفرط في استهلاك المراعي بالرعي المكثف، ولجأ إلى استخدام الأسمدة الكيمائية والمبيدات بمختلف أنواعها، وهذه كلها عوامل فعالة في الإخلال بتوازن النظم البيئية، ينعكس أثرها في نهاية المطاف على حياة الإنسان كما يتضح مما يلي:

1.    الغابات: الغابة نظام بيئي شديد الصلة بالإنسان، وتشمل الغابات ما يقرب 28% من القارات ولذلك فإن تدهورها أو إزالتها يحدث انعكاسات خطيرة في النظام البيئي وخصوصاً في التوازن المطلوب بين نسبتي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الهواء.

2.    المراعي: يؤدي الاستخدام السيئ للمراعي إلى تدهور النبات الطبيعي، الذي يرافقه تدهور في التربة والمناخ، فإذا تتابع التدهور تعرت التربة وأصبحت عرضة للانجراف.

3.    النظم الزراعية والزراعة غير المتوازنة: قام الإنسان بتحويل الغابات الطبيعية إلى أراض زراعية فاستعاض عن النظم البيئية الطبيعية بأجهزة اصطناعية، واستعاض عن السلاسل الغذائية وعن العلاقات المتبادلة بين الكائنات والمواد المميزة للنظم البيئية بنمط آخر من العلاقات بين المحصول المزروع والبيئة المحيطة به، فاستخدم الأسمدة والمبيدات الحشرية للوصول إلى هذا الهدف، وأكبر خطأ ارتكبه الإنسان في تفهمه لاستثمار الأرض زراعياً هو اعتقاده بأنه يستطيع استبدال العلاقات الطبيعية المعقدة الموجودة بين العوامل البيئية النباتات بعوامل اصطناعية مبسطة، فعارض بذلك القوانين المنظمة للطبيعة، وهذا ما جعل النظم الزراعية مرهقة وسريعة العطب.

4.    النباتات والحيوانات البرية: أدى تدهور الغطاء النباتي والصيد غير المنتظم إلى تعرض عدد كبير من النباتات والحيوانات البرية إلى الانقراض، فأخل بالتوازن البيئية.

5.    أثر التصنيع والتكنولوجيا الحديثة على البيئة : إن للتصنيع والتكنولوجيا الحديثة آثاراً سيئة في البيئة، فانطلاق الأبخرة والغازات وإلقاء النفايات أدى إلى اضطراب السلاسل الغذائية، وانعكس ذلك على الإنسان الذي أفسدت الصناعة بيئته وجعلتها في بعض الأحيان غير ملائمة لحياته كما يتضح مما يلي:

o       تلويث المحيط المائي: إن للنظم البيئية المائية علاقات مباشرة وغير مباشرة بحياة الإنسان، فمياهها التي تتبخر تسقط في شكل أمطار ضرورية للحياة على اليابسة، ومدخراتها من المادة الحية النباتية والحيوانية تعتبر مدخرات غذائية للإنسانية جمعاء في المستقبل، كما أن ثرواتها المعدنية ذات أهمية بالغة.

o       تلوث الجو: تتعدد مصادر تلوث الجو، ويمكن القول أنها تشمل المصانع ووسائل النقل والانفجارات الذرية والفضلات المشعة، كما تتعدد هذه المصادر وتزداد أعدادها يوماً بعد يوم، ومن أمثلتها الكلور، أول ثاني أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكبريت، أكسيد النيتروجين، أملاح الحديد والزنك والرصاص وبعض المركبات العضوية والعناصر المشعة. وإذا زادت نسبة هذه الملوثات عن حد معين في الجو أصبح لها تأثيرات واضحة على الإنسان وعلى كائنات البيئة.

o        تلوث التربة: تتلوث التربة نتيجة استعمال المبيدات المتنوعة والأسمدة وإلقاء الفضلات الصناعية، وينعكس ذلك على الكائنات الحية في التربة، وبالتالي على خصوبتها وعلى النبات والحيوان، مما ينعكس أثره على الإنسان في نهاية المطاف.