ويعني تنوع جميع الكائنات الحية، والتفاعل في ما بينها، بدءاً بالكائنات الدقيقة التي لا نراها إلا بواسطة الميكروسكوب، وإنتهاءً بالأشجار الكبيرة والحيتان الضخمة. والتنوع البيولوجي موجود في كل مكان، في الصحاري والمحيطات والأنهار والبحيرات والغابات. ولا أحد يعرف عدد أنواع الكائنات الحية على الأرض، فقد تراوحت التقديرات لهذه الأنواع بين 5 و 80 مليون أو أكثر. ولم يستطع العلم وصف سوى 1,4 مليون نوع، بينها 750000 حشرة و 41000 من الفقاريات و 250000 من النباتات والباقي من مجموعات اللافقاريات.

       إن هذا التنوع البيولوجي له أهمية في أسس الحياة على الأرض، كون الأنواع البرية والجينات داخلها تسهم مساهمات كبيرة في تطور الزراعة والطب والصناعة، فضلاً عن أنواع كثيرة تشكل الأساس لرفاهية الجتمع في المناطق الريفية. فكل نوع من هذه الأنواع من الكائنات الحية ثروة وراثية بما يحتويه من مكونات وراثية. ومن هنا يساعد الحفاظ على التنوع البيولوجي في الإبقاء على هذه الثروات والموارد البيئية من محاصيل وسلالات للماشية ومنتجات أخرى كثيرة.

      إن لكل نوع من الكائنات الحية حق البقاء، لأنه شريك في هذا التراث الطبيعي الذي يسمى المحيط الحيوي. وتنشأ القيمة الروحية والأخلاقية للتنوع البيولوجي من المشاعر الدينية، إذ تعطي بعض الأديان قيمة الكائنات الحية لتستحق ولو درجة بسيطة من الحماية من بطش الإنسان وتدميره.

      وللكثير من الأنواع الحية قيمة جمالية تضيف الى الإطار البيئي من صفات البهاء ما يدخل البهجة على نفس الإنسان، لذا إن فقدان هذه الكائنات من البيئة الطبيعية خلل ثقافي. فالتنوع البيولوجي هو المرادف الأساسي للموارد والطبيعة التي تكفل للإنسان حياته بالشكل الذي يحقق جودتها إستمراريتها، فالموارد البيولوجية هي كل ما يحتاجه الإنسان لكي ينعم بالحياة المزدهرة بالرفاهية، ويختنف مدلول الموارد البشرية من شخص إلى آخر ومن زمن إلى زمن حسب الإحتياج لهذا المورد كما إنه يعتمد على نوع الحضارة في أحيان كثيرة أكثر من إعتماده على بيولوجية الإنسان نفسه.

      إن التنوع البيولوجي أظهر سياحة حديثة أطلق عليها سياحة المحميات، وتقوم على زيارة المحميات الطبيعية والتعرف على الكائنات النادرة بها. وقد إزداد الإهتمام الدولي بهذا النوع من السياحة بسبب إقبال السياح على هذا النوع من السياحيات. وتمثل المحميات الأقاليم التي إتخذت منها السلطة المخولة إجراءات منع أو حرق أو تجاوزات في الإستغلال، خدمة للوحدات الإيكولوجية والجيومورفولوجية أو الجمالية التي بررت تأسيسها. فالمحميات الطبيعية عنوان لجهود الإنسان للحفاظ على ما وهبه الله من جمال للطبيعة التي تزخر بخمسة وثمانين نوع من النباتات والحيوانات التي لم يتعرف عليها الإنسان حتى هذا الوقت. وفي الوقت ذاته يهدر الإنسان ما توصل إليه والذي يقدره العلماء بـ 1,4 مليون نوع فقط من ممتلكات الطبيعة من حيوانات برية ونباتات وكائنات حية. ونتيجة الى توقع العلماء بإنقراض أكثر من ربع نوع تلك الأنواع، أنشئت المحميات الطبيعية التي باتت مقصداً سياحياً يهفو السياح الى إرتياده لأنها لم تمسسها يد الإنسان بعد، والمسموح به فقط في تلك المحميات هو المشاهدة والإستمتاع بجمال الطبيعة.

      ويمتلك العراق البيئة المتنوعة من شماله الى جنوبه، ومن شرقه الى غربه. فتوجد الغابات المتنوعة والمتعددة على قممه الجبلية وسفوحها والتي تعدّ مقصداً سياحياً يرتاده السياح، وعلى الخصوص في موسم الإصطياف. وكذلك التنوع البيولوجي في السهل الرسوبي، إذ توجد السدود على نهري دجلة والفرات والتي تمثل إبداعاً في التصميم، بالإضافة الى جمالية لمنطقة التي تحيط بها، ما جعل أغلبها مقصداً سياحياً يرتاده السياح. كما أن لأهوار العراق نصيب في السياحة، كونها المسطحات المائية الواسعة المنتشرة في جنوب العراق والتي تحظى بالتنوع البيولوجي بوجود النبات الطبيعي، وتواجد آلاف الأنواع من الطيور المهاجرة في المنطقة. وكلّ ذلك يجعل العراق بلداً سياحياً متقدماً في هذا المضمار إذا ما أستغل وأستثمر سياحياً.