سمات الخدمات السياحية :

تعرف الخدمات بشكل عام بانها ” منتوجات غير ملموسة يتم التعامل بها في اسواق معينة ، تهدف اساساً الى اشباع حاجات ورغبات المستهلك وتساهم في توفير جانب كبير من الراحة والاطمئنان والرعاية ، كما تحقق نوعاً من الاستقرار الاقتصادي سواء على صعيد الفرد او المجتمع ” (2) ويندرج تحت هذا المفهوم انواع مختلفة من الخدمات التي منها الخدمات التعليمية ، والخدمات الصحية والخدمات المصرفية ، والخدمات المرورية ، والخدمات السياحية ، وخدمات الماء والكهرباء …. الخ .

الا ان الذي يهمنا هو الخدمات السياحية التي تتسم بمجموعة من الخصائص  تشترك في بعض منها مع الخدمات الاخرى وتنفرد باخرى عنها ، ومن ابرز تلك الخصائص ، ما ياتي :-

  • عدم الملموسية Intangibility ، وتعد من الخصائص الرئيسة التي تميز الخدمات من السلع تمييزاً واضحاً . وهي تعني عدم القدرة بشكل فعلي على التخمين والتقويم باستخدام الحواس الخمس وعدم امكانية تعريف الخدمة بسهولة او صياغتها او تأطيرها ذهنياً (1) لأنها ذات طبيعة غير مادية لا يمكن الامساك بها او الكشف عنها او تحسسها عند الاستهلاك (2) مما يتعذر معه التنبؤ بجودتها قبل تقديمها .

ان سمة عدم الملموسية تؤدي الى اختيار معظم السلع السياحية على اساس السمعة والتجربة ، اكثر منه على اساس الاختيار المادي ، لذا يتطلب تسويقها مهارة في الاتصال بين الموزع والمستهلك (3) وجهداً ينصب على اشعار المستفيد بحقيقة الخدمة والعوائد الناجمة عنها ، أي محاولة جعل ما هو غير ملموس ملموساً عند التسويق ، ولو نسبياً وهنا يبرز دور البيئة المادية التي تقدم فيها الخدمة .

واخيراً فان هذه الخاصية تزيد من صعوبة تحديد اسعار الخدمات السياحية على نحو يمثل قيمتها كما تقلل من امكانية حمايتها قانونياً مثلما هو حال براءات     الاختراع (4) . وقد يكون من الضروري ان ننوه بهذا الشأن عن محاولة منظمة التجارة العالمية ( w.t.o  ) World Trade Organization  ، حماية حقوق الملكية الفكرية عبر اعداد اتفاقية لمعالجة هذا الموضوع وضمان هذه الحقوق لمصادرها الاصلية في اطار حرية تجارة الخدمات ومنح حقوق الامتياز بين دول العالم .

  • عدم القابلية على الخزن : تعد الخدمات السياحية احدى المنتوجات التي تقدم للمستهلك مباشرة ولا يمكن تخزينها في حالة عدم الافادة منها لأنها تنتج وتستهلك في ان واحد وفي فترة محددة هي مدة الاقامة في المنطقة(5). وفي حالة عدم بيعها تسبب خسارة لا يمكن تعويضها ، لأنها مرتبطة بالزمن الذي لا يحتفظ بها لبيعها مستقبلاً وتتأثر قابلية السلعية السياحية على الخزن بدرجة لا ملموسيتها والتي كما زادت انخفضت فرصة تخزينها (1)، ان اهمية هذه الخاصية تبرز بشكل كبير عند تذبذب الطلب ، اذ تواجه الشركات والجهات التي تقدم هذه الخدمة مشاكل كثيرة تأني الخسارة المادية في مقدمتها من
  • صعوبة الفصل بين الانتاج والاستهلاك ، توصف السلعة السياحية بانها مرتبطة بالأفراد بشكل كبير ، اذ تخلق وتسوق في ان واحد ، ويكون الفرد جزءاً منها عند طلبها مما يعني التلازم وعدم الانفصال بين الخدمة ومقدمها و الاتصال المباشر بينه وبين من يستفيد منها في احيان كثيرة ، ان هذه الصفة تفرض على المنتج ان يقوم بمجهود تسويقي وانتاجي متشابك (2) ، مما لا يعفي مقدمها من مسؤولية جودتها او ردائتها .
  • صعوبة التنميط : تتميز الخدمات عموماً بعدم امكانية انتاجها نمطياً ، اذ يستحيل عمليا انتاج منتجين سياحيين متطابقين (3) ، لان هناك دائماً اختلاف في الجودة حتى بافتراض تطابق الخصائص المادية للخدمة ، وهذا يفتح المجال واسعاً امام امكانية التبديل بين الخدمات لاسيما الفرعية منها ، ويسبب فروقاً في اسعارها يحددها مستوى تدريب مقدمها وخلفيته المهنية وعوامل اخرى تنعكس في النهاية على جودتها ومدى قناعة المستهلك بها .
  • الاختلاف والتنوع : يتميز قطاع السياحة بتقديمه تشكيلة واسعة من المنتجات لإشباع حاجات فئات مستفيدة مختلفة على مستوى الاعمار والرغبات والجنسيات والقيم والعادات المؤثرة في السلوك الشرائي (4) وعادات الاستهلاك .

ان هذا التنوع يفرض حالة من عدم التجانس والاختلاف في الخواص والتأثر بالعوامل التي قد لا يمكن التحكم بها ، مما يزيد من صعوبة توفير ما يريده كل سائح على حدة و يشكل عبئاً على مسوقي الخدمات السياحية ، يتطلب الوقوف على طبيعة المنتجات التي تلبي الاحتياجات المتعددة لشرائح السوق السياحي ، والتعاون مع قطاعات او جهات اخرى ضمن القطاع السياحي فضلاً عن خلق شكل من اشكال التكيف مع طلبات السائح (5) .

  • خصوصية تصدير الخدمة السياحية وتميزها ، وذلك لان هذه الخدمة مزيج مركب من السلع والخدمات التي تشبع رغبات السائحين وتتفق مع احتياجاتهم بما تحققه لهم من متعة ، وهذا المركب الفريد (*) Unique Complex  لا يباع الا من خلال السياحة (1) وفي حالة عدم امكانية نقله الى محل اقامة السائح فان الامر يتطلب انتقال الاخير نفسه لشرائه من الداخل ، لان من الصعوبة بمكان نقل مرفق سياحي او اية مقومات اخرى ، كالفنادق وشواهد الحضارات … الخ ، وبالنتيجة فان الطرف المتحرك هو المستهلك وليس المنتوج (2) .
  • تكامل الخدمات السياحية : تقدم الخدمات السياحية من اكثر من منتج منفرد ومجموعها يتم اخراجه في النهاية بشكل خدمات متكاملة  Integrates services   للسائح (3) تتكيف مع طلباته ورغباته .

يكتسب تكامل الخدمات السياحية اهميته عبر تأثيره في الطلب على الخدمة ، ذلك لان اهمال احدى الخدمات الفرعية قد يؤدي الى رداءة الخدمة النهائية واخفاقها في تحقيق الاشباع المقصود للسائح الذي يأخذ بالحسبان كل الدلائل المادية من ( ديكورات  ، ومبانٍ … الخ ) والدلائل غير المادية ( نوعية الخدمة ) في الحكم على جودة الخدمة وكفاءتها .

  • الموسمية : هي تأثر النشاط السياحي بمواسم السنة مما يؤدي الى تذبذب الطلب بالارتفاع والانخفاض يسبب اشتداد حركة السياحة في اوقات معينة من السنة (4).

ترتبط الموسمية بجملة من العوامل والاسباب التي قد يخضع بعضها لإرادة الانسان مثل اوقات الفراغ والاجازات المدفوعة الاجر ، فيما يخضع البعض الاخر لمشيئة الطبيعة كالمناخ ، مما يزيد من صعوبات مواجهتها ويفرض على الجهات السياحية التهيؤ لذلك بأساليب تحقق التلاقي بين استمرار الرواج السياحي وادائه من جهة وتلبية ما يرومه السائح من رغبات من جهة اخرى وبما يضمن تحقيق الايرادات السياحية اللازمة لمواجهة تراجعها في فترات الكساد (5) ، وهنا تلجا المؤسسات السياحية لفرض اسعار خاصة في موسم الذروة السياحي الذي يسببه اشتداد حركة السياحة في اوقات معينة من السنة ، وهذه الاسعار تكون مرتفعة عندما يكون الطلب مرتفعاً وتكون منخفضه عندما يكون الطلب     منخفضاً (1) .

  • المرونة العالية للطلب السياحي تجاه كل من الدخل والاسعار (*).

اما تأثير الكلمة المنقولة (2) World of mouth  فيعكس الحساسية العالية للخدمة السياحية لاسيما في جانب الطلب تجاه الوضع الامني والسياسي وتشعباته وتجاه جودة الخدمة ، ولان تأثير هذه الكلمة قد يمتد لمواسم متعددة ، لذا من المرغوب فيه الحرص بشكل دقيق على ان تكون ايجابية مهما كلف ذلك من نفقات مالية لأنها تعطي للسائح صورة معينة عن جهة القصد السياحي قد تدفعه لتغييرها الى وجهة اخرى .

(2) المساعد ، زكي خليل ، التسويق الحديث ، مطبعة عصام ، بغداد ، 1987 ، ص123 .

(1) ابو فارة ، يوسف ، التدقيق التسويقي ، الادبية للطباعة والنشر ، الخليل ، 2001 ، ص156 .

(2) موازي ، ثائر هادي ، تسويق المنتوج السياحي في العراق ، رسالة ماجستير ، غير منشورة ، كلية الادارة والاقتصاد ، الجامعة المستنصرية ، بغداد ، 1984 ، ص32 .

(3) المساعد ، زكي خليل ، مصدر سابق ، ص123-130 .

(4) ابو رمان ، اسعد حماد موسى ، تسويق الخدمات السياحية من وجهة نظر النزلاء والادارة ، دراسة على عينة من الفنادق الاردنية ، اطروحة دكتوراه ، غير منشورة ، كلية الادارة والاقتصاد ، جامعة الموصل ، 1999 ، ص16 .

(5) مجلة السياحة العربية ، العدد 29 ، عمان ، 1972 ، ص20 .

(1) الضمور ، هاني احمد ، تسويق الخدمات ، ط1 ، دار وائل للنشر ، عمان ، 2002 ، ص27 .

(2) الراوي ، خالد ، السند ، د. محمد ، مبادئ التسويق الحديث ، ط1 ، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ، 2000 ، ص346 .

(3) عبيدات ، محمد ، التسويق السياحي ، مدخل سلوكي ، دار وائل ، عمان ، 2000 ، ص20 .

(4) الشورة ، محمد سليم خليف ، تقسيم السوق وفق اعتبار المكانة الذهنية للسائح ، دراسة في سوق الخدمات السياحية الاردنية ، رسالة ماجستير ، غير منشورة ، كلية الادارة والاقتصاد ، جامعة الموصل ، 1999 .

(5) الطائي ، حميد عبد النبي ، التسويق السياحي والفندقي ، دار الكتب للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ، 1991 ، ص75 .

(*) للمزيد انظر : مجلة السياحة العربية ، العدد 31 ، عمان ، 1972 ، ص16 .

(1) الروبي ، نبيل ، مصدر سابق ، ص9 .

(2) العبدلي ، خالد عبد الحميد عبد المجيد ، مصدر سابق ، ص24 .

(3) الطائي ، حميد عبد النبي ، مصدر سابق ، ص75 .

(4) سمارة ، فؤاد رشيد ، تسويق الخدمات السياحية ، دار المستقبل للتوزيع والنشر ، عمان ، الاردن ، 2001، ص42 .

(5) الروبي ، نبيل ، التخطيط السياحي ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، مطبعة التقدم ، الاسكندرية ، 1987 ، ص14 .

(1) عقيلي ، عمر وصفي  واخرون ، مبادئ التسويق السياحي ، مدخل متكامل ، دار زهران للتوزيع، عمان ، 1996 ، ص 121 .

(*) مرونة الطلب السياحي الدخلية : تعني نسبة التغير في الكمية المطلوبة من السلع والخدمات السياحية نتيجة التغير الحاصل في دخل السائح .

(2) عبيدات ، محمد ، مصدر سابق ، ص77 .