أهمية الغذاء في تقدم المجتمعات

هناك علاقة وثيقة بين المستوى الغذائي لبلد ما ومستوى التقدم فيه حتى أصبح المستوى الغذائي من المقاييس الدالة على مستوى التقدم في كثير من الشعوب، ومن جهة أخرى فالتغذية الخاطئة تعوق عملية التنمية لكثير من الشعوب لارتباطها الوثيق بكثير من نواحي الحياة الأخرى – ففي مجال التعليم : يؤدي سوء التغذية إلى ارتفاع نسبة الرسوب وكثرة الغياب من المدارس ، وبالتالي فان الاستفادة مما تنفقه الدول على التعليم يعتبر استفادة غير كاملة. ولقد قامت إحدى الباحثات بإعطاء مجموعة من الأفراد المتطوعين إفطارا غنيا بالبروتينات الحيوانية، في حين أعطت مجموعة أخرى من الأفراد إفطارا غنيا بالكربوهيدرات، ثم خضعت المجموعتان لسلسلة من الاختبارات التي تقيس التذكر والقدرة على التركيز، فلاحظت أن إجابات المجموعة الأولى كانت أفضل بكثير من إجابات المجموعة الثانية.

 وفي مجال الزراعة؛ فسوء التغذية يؤدي إلى نقص الكفاءة الإنتاجية للعامل الزراعي وبالتالي نقص في إنتاجه بصفة عامة ، ومنها إنتاجه للمواد الغذائية وبالتالي قلة الدخل. أما في مجال الصناعة؛ فسوء التغذية يؤدي إلى نقص الكفاءة الإنتاجية للعامل وكثرة تغيبه عن العمل بسبب المرض والضعف. وفي المجال الاجتماعي؛ يساهم سوء التغذية في افكك الأسرة وانتشار الجهل والمرض. أما في مجال الصحة؛ فالغذاء الكامل المتوازن يساعد على النمو، وتعويض الأنسجة وإعادة بناء التالف منها، كما أن الغذاء له أهمية كبرى في مقاومة الجسم للأمراض المختلفة بالإضافة إلى أن الطعام يشفى من الجوع.

  وتؤثر التغذية الصحية على مقومات الشخصية، إذ إن التمتع بالصحة الجيدة من أهم أسباب سعادة الإنسان وقدرته على العمل والإنتاج، وإذا كان الغذاء والصحة والمسكن والملبس هي مقومات الحياة التي يجب أن توفرها الأسرة لأفرادها، فالغذاء يأتي في المقدمة. إذ يبدأ الشخص بالغذاء من بدء تكوينه وهو جنين ويستمر تأثره به طول فترة نموه وحتى بعد اكتمال نموه، فقد أثبتت البحوث أن الغذاء السليم له تأثيرا واضحا على عقلية الطفل وميوله، ولكي تكون له شخصية قوية ومرحة ونشيطة وصحة جيدة، ويتمثل الهدف من التغذية السليمة في تحقيق النمو الطبيعي لأفراد الأسرة والحصول على أفراد أصحاء.

 

     وتعدّ فترة المراهقة من الفترات الحرجة في عملية النمو والتطور. وتتميز هذه المرحلة بالزيادة السريعة في الطول والوزن وتحدث فيها العديد من التغيرات في الناحية الفسيولوجية والاجتماعية. ويحدث خلال مرحلة المراهقة انتشار نقص التغذية والسلوك الغذائي الخاطئ، وهذا يؤدي إلى انتشار الأمراض في المستقبل مثل هشاشة العظام والسمنة وزيادة مستوى الدهون وتأخر البلوغ الجنسي والطول النهائي عند البلوغ بالإضافة لظهور خلل التغذية خلال هذه المرحلة، وأشارت الدراسات المسحية على التغذية لحدوث انتشار كبير لنقص التغذية في هذه المرحلة العمرية.