تعدّ الثقافة من العوامل المهمة الذي يمكن استثمارها في الجانب السياحي لتحقيقتعارف أوثق وتفاهم أفضل بين الحضارات والأمم والشعوب من خلال ما يمكن تسميته (الدبلوماسية السياحية) ناهيك عما يمكن أن تعكسه هذه السياحة من دفع وتوثيق للعلاقات الدولية لا سيما إن هذا التواصل وهذا التكامل يرسخان أسس ثباتة والإطلاع على الثقافات.
ولأهمية الثقافة وآثارها في الاستدامة السياحية يرى معهد التخطيط القومي في مصر” انتشارا للأفكار مغلولة عند بعض الناس عن الحل والحرمة في مجال السياحة والسياح ، فالذي يربطنا بالسياح الأجانب هو عقد الأمان الذي يفرض على الأمة المسلمة عصمة الأموال والدماء لهؤلاء وحرمة التعدي عليها ، وبالتالي فمهما كانت دولتهم معادية أو غير متعاطفة مع توجهات البلد المضيف فإنهم يحلون ضيوفاً عليه. وفي إشارة للطبائع العربية والإسلامية النبيلة، جاءت إحدى توصيات المجالس القومية المتخصصة في مصر أيضاً على أن يتعين الترحيب بهم وحسن استقبالهم وكرم ضيافتهم.
إن حسن الجوار والحماية هو مبدأ معروف عند العرب قبل الإسلام و في كنفه، وطبقهُ الرسول الأكرم J ، فيمن يفدون إلى مكة بحيث يضمن لهم عقد الأمان الممنوح في تلك الحالة عصمة الدماء والأموال وسائر الحقوق. ونستشهد بالآية الكريمة قوله تعالى: )وان أحد من المشركين استجارك فأجره(.
إن وعي السكان في البلد المضيف له الأثر الملموس الذي يتحسسه السياح القادمون ويعكس صورة براقة تجعل هؤلاء السياح يسعون لتكرار زياراتهم عدة مرات ومن خلال الوعي الثقافي الذي يعد من الأركان الأساسية التي تقوم عليها التنمية السياحية المستدامة، وإن هذا الوعي يأتي من الحضور الفاعل للسكان المحليين والمشاركة في التفاعل مع الواقع السياحي في المنطقة، وحسن التعامل مع السياح وتقديم المساعدة لهم. وينعكس هذا الوعي من الرؤية الذاتية للمجتمع المحلي والتي تعمل بتفهم أكبر وتواصل أفضل بين شعوب من خلفيات مختلفة وإظهار أهمية الموارد الطبيعية والثقافية بالنسبة إلى الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات.
ويجب على الجامعات والمؤسسات والهيئات السياحية ابراز دور المواطنين عامة العاملين وغير العاملين في السياحة من خلال التعامل الجيد مع السياح في الأماكن العامة والخاصة ليعطوا صورة طيبة عن البلد وإظهار الدور الريادي للسياحة لجميع الناس على أنها رافد رئيسي في الاقتصاد الوطني. وهذا الدور لا يقف عند السكان المحليين فقط بل ينعكس على السياح أيضا من خلال سلوكهم وتصرفاتهم أن يعززوا الأبعاد الإنسانية والعلاقات الودية بين الشعوب على الصعيدين الوطني والدولي وبذلك يسهموا في مبدأ المحبة وترسيخ السلام. فالسياحة ليست وسيله مجرده للهو والترفيه كما ينظر إليها البعض بل هي تعني فيما تعني أحياء وتقارب التراث بين الشعوب وهي السلام أولا ً وأخيرا ً.