أسطورة المدينة المفقودة ( إلدورادو)
تناقلت قصص عن وجود مدينة اشتهرت بالكنوز التي لا حصر لها من الذهب والفضة والأحجار الكريمة , تفاوت وصفها من شخص لأخر ومن مكان لأخر فمنهم من وصفها بالمدينة الذهبية حيث أن كل ما فيها مصنوع من الذهب وآخرون وصفوها بينبوع من الكنوز…… ولا أحد يعلم مصدر هذه القصص عن المدينة الأسطورية.
إلدورادو……. كثير من الناس قالوا أنه اسم إنسان ولكن آخرين يقولون انه اسم مكان.
الموقع :
لم تتفق القصص والروايات على مكان واحد فقد قيل في الأمريكيتين بينما حددت من الأغلبية في أمريكا الجنوبية، في الجزء السفلي من بحيرة (Guatavita) غواتافيتا أو عندها (قرب بوغوتا في كولومبيا الحالية) وهناك من أشار إلى أنها تختفي في أدغال الأمازون.
وصف السير والتر رالي، الذي استأنف البحث في (1595)، إلدورادو كمدينة على (Parime) باريم بحيرة بعيدة حتى نهر أورينوكو في غيانا.
بينما قال جيريتز هيسيل (1625) إنها تقع في الساحل الغربي للبحيرة، ما يسمى مدينة مانوا أو الدورادو .
بداية القصة :
في العام 1520 كان الأسبان قد احتلوا المكسيك التي تربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ إلا أن الحملة لم تحقق من الرخاء والغنائم ما حلم به الجيش المخلص لشعار: “دائما نحو الأبعد” الذي يزين راية كاستيل , وبعد فترة من الزمن بدأ الأسبان بسماع قصص عن المدينة الأسطورية من الهنود الأسرى لديهم والطقوس التي كانت تجرى قرب البحيرة .
حيث كانت تجرى شعائر دينية غريبة في إحدى القبائل عند تعيين حاكم جديد. قبل توليه منصبه، يمضى بعض الوقت في كهف منعزل، دون النساء، يحرم علية أكل كل ما هو مملح، أو الخروج خلال النهار. كان بمجرد الخروج الكهف يذهب إلى بحيرة كبيرة لتقديم القرابين والتضحيات .خلال الحفل الذي عقد في البحيرة، يجعلوا مجموعة تقوم بتجميل وتزيين الأشياء لجعلها أكثر جاذبية لديهم. ويضعوا على النار بخور وأيضا الراتنج وروائح أخرى كثيرة .
يجتمع الرجال والنساء وهم يرتدون غرامة أعمدة، لوحات ذهبية وتيجان …. وبمجرد أن ينتشر البخور وتتوهج النار في هذا الوقت يركب الوريث على القارب ويجرد من ملابسه ، ثم يضعوا عليه غبار الذهب بحيث يغطيه بالكامل وعند قدميه توضع كومة كبيرة من الذهب والزمرد ويركب معه أربعة رؤساء وقد زينوا بالتيجان والأساور والقلائد والخواتم كل من الذهب.
ما إن يصلوا إلى وسط البحيرة، حتى يعطوا إشارة بالصمت عندها يقوم الحاكم برمي كومة من الذهب في وسط البحيرة وكذلك الرؤساء الذين رافقوه ….. وما أن يتجه القارب نحو الشاطئ حتى تبدأ المراسيم من صراخ , قرع للطبول , مزامير وفرق كبير من المغنين والراقصين. كل ذلك لاستقبال الحاكم الجديد.
بدأ الأسبان يدعوا هذا الحاكم بإلدورادو (بالإسبانية: El Dorado) (وتعني المُذهّب) , عندها قاموا بغزو القبائل من قبيلة لأخرى. وجد الأسبان وغيرهم من الأوروبيين الكثير من الذهب بين المواطنين على طول الساحل الشمالي للقارة واعتقدوا أن هناك ثروة كبيرة في مكان ما في المناطق الداخلية. لكنهم لم يجدوا شيء ، ثم توجهوا نحو بحيرة Guatavita وحاول استنزافها في 1545. انخفض مستواه المياه بما فيه الكفاية للعثور على مئات القطع من الذهب على طول حافة البحيرة. ولكنه ليس بالكنز الذي توقعوه .
فإذاً هل كان هناك ذهب في قاع بحيرة غواتافيتا؟
الجواب لا.
تقول القصص إن الذهب الذي وجدوه كان قليلاً ولا يستحق الجهد المبذول لاستخراجه.
بعد مرور قرون، أصبحت هذه الأسطورة مصدر قوة دافعة للباحثين عن الذهب , وفي ذلك الوقت انتشر بما يعرف حمى الذهب , آلاف الجنود والمغامرين والرجال الأقوياء صارعوا عوامل صعبة للغاية، احرقوا مدناً بأكملها وقاموا بمذابح دامية، وكثيرٌ منهم خسروا حياتهم في السعي للوصول إلى الأرض حيث الذهب أكثر وفرة من الحديد. وسبب كل هذا الانجراف وراء أطماع النفس ورغباتها ولم يصل احد إلى هذه المدينة.
أوريانا :
عام (1542) قاد أوريانا حملته عميقا في قلب الأمازون. كان يبحث عن الدورادو، مملكة الذهب التي قال الهنود أنها تختبئ في الأدغال. لقد جال وسط غابات المطر طوال ثمانية أشهر. وحين عاد أخيرا إلى اسبانيا حمل معه حكايات مدهشة عن حضارة مجهولة.
إنها مدينة تمتد على طول خمسة عشر ميلا دون أن توجد مسافة بين المنزل والآخر، ما يعكس مشهدا يثير الدهشة والإعجاب.
هناك عدد من الطرق التي تدخلها وهي طرقات واسعة راقية.
على مسافة ستة أميال من ضفة النهر توجد مدن كبيرة يغمرها البياض، وإلى جانبها أراض خضراء خصبة شبيهة جدا بأراضي إسبانيا
ولكن حين عاد الأسبان مجددا إلى الأمازون بعد سنوات من ذلك لم يجدوا شيئا مما تحدث عنه أوريانا. سوى بعض القرى الهندية المتفرقة.
حين جاء أوريانا نزولا عبر سولوميس وصعودا عبر النيغرو في المنطقة التي مر بها، يبدو أن أعداد الناس هناك كانوا بالآلاف وأن القرى كانت تمتد على مسافة أميال، ولكن بعد خمسين أو ستين عاما من ذلك لم يجد أحدا ما رآه أوريانا ووصفه بأدق التفاصيل.
هل انتشرت هناك أي حضارة كالتي وصفها بالدورادو وسط الأمازون؟ أم أن هذه مجرد أجزاء من مخيلة أوريانو؟ ومجرد قصص ابتدعها ليدهش البلاط الاسباني.
المشهد يصور في هذا العمل الفني القديم، الذي يعرض في متحف الذهب في بوجوتا، كولومبيا، ويبين أصل أسطورة إلدورادو. أسطورة تحكي عن ملك Muisca الذي سيغطي نفسه بغبار الذهب خلال المهرجانات، ثم يغوص في بحيرة Guatavita.
تحول اسم إل دورادو ليصبح رمزا لكل مكان حيث يمكن فيه اكتساب الثروة السريعة، وتم إعطاء الاسم لمحافظة في كاليفورنيا ولمدن وبلدات في ولايات عديدة. وفي الأدب فتلميحات عديدة عن الأسطورة وكانت مصدر وحي للعديد من الأعمال ومن أشهرها رواية فولتير الفلسفية كانديد Candide (عام 1759)، وقصيدة جون ميلتون الملحمية الفردوس المفقود Paradise Lost (عام 1667).
بعض التفسيرات التي قدمت للتحليل :
تفسير الشعائر:
تساءل عديد من الباحثين عن معنى هذه الشعائر. في عام 1954م قام عالم آثار كولومبي بتقديم شرح بدا معقولاً.هذا البحث أثبت أنه منذ آلاف السنين في الوقت الذي كان الإنسان يعيش في جبال الأنديز، وقع نيزك كبير من السماء.كانت كتلة مشعة هبطت فجأة كوميض براق من الذهب. ومن المحتمل أن الهنود الحمر الذين شهدوا الحدث ظنوا أن أحد آلهتهم قد وصل إلى الأرض. ولعلّه احتراماً لهذه الذكرى، ذكرى وقوع وميض من الذهب على الأرض، قام زعيمهم بهذه الشعائر حين كان ينزل إلى ماء البحيرة وجسده مغطى بالذهب ظنا منهم بأنهم سيحصلون على القوة الإلهية
وفي الوقت نفسه هناك رجال يرمون الذهب في البحيرة. على الأرجح كان أولئك كهنة موظفين مهمتهم مرافقة الملك في طقوسه.
تفسير مدينة إلدورادو:
هنالك تفسير يعتقد بأنه منطقي أنه هنالك قبيلة كانت تعيش بين الأدغال ولكنها كانت تبني بيوتها من الخشب والقش وليس من الذهب وعلى إحدى الطرق المؤدية إلى هذه القبيلة توجد أحجار كبيرة نقشت عليها بعض الرسوم. يعتقد علماء الآثار أن هذه المنطقة كانت مركزاً لتقديم الذبائح إلى إلههم الشمس، في الصورة المرسومة على الحجارة.
التفسير الذي قدمه علماء الآثار يدعو إلى المزيد من العجب، وهو أنه حتى الإنكا الذين عاشوا في وقت وصول الأسبان، لم يكونوا على علم بوجود تلك المدينة.
إن القصص القديمة التي حكاها المؤرخون أمثال ليون تشابكت لتكوّن أساطير كثيرة كلها تحكي قصصاً مذهلة عن مدينة ضائعة غنية بالذهب والأحجار الكريمة.
أسطورة إلدورادو غير مرتبطة بالبيرو وبذهب إمبراطورية الإنكا..لإيجاد جذورها الحقيقية علينا التوجه شمالاً، نحو كولومبيا، لأنه هناك نشأت أسطورة الرجل المغطى بالذهب من مملكة إلدورادو.
يعرض الكاتب إدغار ألان بو اقتراح بليغ وغريب ” على جبال القمر , أسفل وادي الظلام , اركب , بجرأة اركب ……إذا كنت تسعى لمدينة إلدورادو “
واخيرا:
يقول خوسيه أوليفر، وهو محاضر في معهد علم الآثار في جامعة لندن ” لا أعتقد بأننا سنتوقف أبدا عن السعي للإلدورادو“.