السياحة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية
تُعتبر السياحة اليوم أحد أهم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في العالم والتي تلعب دوراً بارزاً في تنمية وتطوير البلدان. وقد ازدادت أهميتها كصناعة وحرفة من خلال وسائل الإعلام كافة، خصوصاً بعد أن تم استحداث وزارات للسياحة في معظم دول العالم وافتتاح جامعات وكليات ومعاهد تقنية متخصصة بالسياحة والفندقة، وكذلك الانتشار الواسع للكتب والدراسات والبحوث العلمية التي تتعلق بالشؤون السياحية.
ونعرض بإيجاز الدور الذي تقوم به السياحة في التنمية وكما يلي: ـ
أولاً: السياحة والتنمية الاقتصادية.ـ
ثانياً: السياحة والتنمية الاجتماعية.ـ
أولاً: السياحة والتنمية الاقتصادية
تبرز السياحة في الدول المتطورة كرافد أساسي في التنمية الاقتصادية ولذلك نجد ضخامة الاستثمارات المختلفة في القطاع السياحي كما حدث في إيطاليا وأسبانيا واليونان والمكسيك، وغيرها من البلدان التي حققت تقدماً كبيراً في هذا المجال.
ـ ونوضح بإيجاز أهم المزايا التي تبين دور السياحة في التنمية الاقتصادية: ـ
■تعتمد العديد من الدول على السياحة، كمصدر مهم من مصادر الدخل الوطني، واستطاعت هذه الدول الحصول على مدخولات سنوية كبيرة من القطاع السياحي كما يحدث في الولايات المتحدة وأسبانيا وإيطاليا واليونان والنمسا وسويسرا وفرنسا وإنكلترا وتركيا، وغيرها من بلدان العالم. إن الدخل السياحي له شأن كبير في اقتصاديات الدول السياحية. فهو يعزّز ميزان المدفوعات ويعتبر مصدراً كبيراً لتوفير فرص العمل للمواطنين مما يدعم مستواهم المعاشي والاجتماعي. ولأهمية السياحة فقد أصبحت ترتبط بالتنمية الاقتصادية ارتباطاً وثيقاً بعد أن كانت عِلماً مجرداً يدرس في الجامعات والمعاهد. وتعتبر السياحة أحد العناصر الأساسية للنشاط الاقتصادي في الدول السياحية، اهتمت بها المنظمات العالمية كالبنك الدولي ومنظمة اليونسكو التي أصبحت تنظر إلى السياحة كعامل أساسي ومهم للتقريب بين الثقافات.
■وكمثال على أهمية السياحة في قطاع العمل، ووفقاً لتقارير (المجلس العالمي للسياحي والسفر (WTTC)) فإن صناعة السياحة والسفر ساهمت في إيجاد أكثر من مليون فرصة عمل شهرياً بشكل مباشر أو غير مباشر في جميع أنحاء العالم خلال عام 1977م. وقد تضاعفت فرص العمل في السنوات الأخيرة والتي توفرها صناعة السياحة والسفر في جميع أنحاء العالم.
■تعتبر السياحة مصدراً مهماً من مصادر اكتساب العملات الأجنبية وذلك بما ينفقه السائح على السلع والخدمات من هذه العملات، ولا ينكر أن العملات الصعبة، خصوصاً في الدول النامية كمصر وتونس والمغرب، تمكن البلد من استيراد السلع والخدمات وتسند العملة المحلية ما يؤدي إلى التقليل من التضخم وغلاء المعيشة.
■يتجه العالم بخطى سريعة نحو توظيف التقنيات الحديثة في كل جزئيات العمل السياحي سواء في:
ـ إعداد ونشر المعلومات السياحية.
ـ ترتيب وتنفيذ البرامج السياحية.
ـ إعداد وتأهيل الكوادر السياحية.
ـ تصميم وبناء المنشآت الفندقية والترفيهية للسائحين.
السياحة والتنمية المستدامة
التنمية المستدامة هي التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتجددة والقابلة للاستمرار دون الأضرار بنوعية الموارد الطبيعية التي تستخدم في الأنشطة البشرية وتعتمد عليها عملية التنمية.
وبذلك يعتبر القطاع السياحي أحد القطاعات الإضافية الناشطة إلى جانب القطاعات الاقتصادية الأخرى حيث يساعد على نمو البلد اقتصادياً واجتماعياً.
وتسعى العديد من الدول وخاصة الدول التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة إلى تطوير وتنشيط القطاع السياحي لما يُحدثه من تنمية اقتصادية واجتماعية. على أن سياسات السياحة لا تبنى فقط على اعتبارات اقتصادية وتكنولوجية، ولكن يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار أيضاً الحفاظ على البيئة واحتياجات السكان المضيفين عامة والذين يعملون في الحقل السياحي خاصة، إذ أن السياحة التي تستجيب لهذه الشروط هي السياحة البديلة أو السياحة المتوافقة والتواصل السياحي. وفي أواخر عام 1997م دعت منظمة السياحة العالمية إلى عقد مؤتمر لوزراء السياحة لآسيا والباسفيك عن السياحة والبيئة، وقد غطى المؤتمر بكثافة مواضيع فنية واسعة تتعلق بالسياحة المستدامة، وصدر عن المؤتمر بيان أوضح الاهتمام العالمي الرسمي بمبدأ الاستدامة. وأشار إلى أن هناك إحساس وإلحاح لبذل الجهود لحماية البيئات الطبيعية في المقاصد السياحية.
إن الاهتمام بالسياحة كباعث على التنمية المستدامة يعتبر مطلباً اقتصادياً مهماً لحفز الاستثمار في الأماكن السياحية الطبيعية والبيئية والثقافية، وتعد التوعية بأهمية تنمية السياحة وإدارتها على نحو كفوء أحد أهداف منظمة السياحة العالمية.
إن مبادئ الإدارة تؤكد على الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية لقطاع السياحة كمصدر مهم للدخل المتزايد باعتباره من الدعامات الأساسية في التنمية المستدامة للبلد.
لذلك يتوجب من أجل استمرار السياحة كمصدر مهم للدخل الالتزام بالفقرات أدناه:
■تحسين نوعية الحياة للمجتمع المضيف.
■حماية المراكز السياحية والطبيعية والبيئية داخل البلد.
■احترام الموروث الثقافي للمجتمع والحفاظ على القيم والتقاليد والعادات والمساهمة في فهم العلاقات الثقافية والتسامح.
■التأكيد على الخطط السياحية الطويلة الأمد مع توفير ما ينتج عنها من منافع اقتصادية وتوزيعها بصورة عادلة على الجهات المساهمة، ومنها توفير فرص العمل لتحسين دخل الفرد ومحاربة الفقر.
■إن تطوير السياحة كمصدر دائم للدخل يتطلب ترسيخ المفاهيم السياحية والوعي بها عند الحكومة وعند المجتمع.
■إن تأمين تطور القطاع السياحي هو عملية متواصلة وتحتاج إلى الإشراف والإدارة الدائمة الكفوءة من قبل كوادر متخصصة بالسياحة.
■تقديم نوعية عالية من المعلومات والخبرات السياحية بالشكل المناسب للسياح والزوار.
التنمية السياحية
■يعبر اصطلاح التنمية السياحية عن مختلف البرامج والخطط التي تهدف إلى تحقيق الزيادة المستمرة والمتوازنة في الموارد السياحية وتعميق وترشيد الإنتاجية في القطاع السياحي، وهي عملية مركبة ومتشعبة تضم عدة عناصر متصلة ببعضها ومتداخلة بعضها مع البعض تقوم على محاولة علمية وتطبيقية للوصول إلى الاستغلال الأمثل لعناصر الإنتاج السياحي، وربط ذلك بعناصر البيئة وتنمية مصادر الثروة البشرية للقيام بدورها في برامج التنمية.
■تعني التطور والإضافات وتجميل المناطق أو المدن التي تصلح للتنمية السياحية من خلال تزويدها بالمرافق الأساسية العامة والمنشآت الإيوائية والخدمية والترويحية بالإضافة إلى الأعمال الهندسية المرتبطة بتنسيق الموقع مع الحفاظ المستمر على البيئة وإنشاء المحميات الطبيعية البرية والبحرية وتوفير الرقابة المستمرة للمقومات الطبيعية والسياحية، وأيضاً مراقبة المشروعات السياحية وتأثيرها على البيئة.
■التنمية السياحية يقصد بها تنمية مكونات المنتج السياحي وبوجه خاص في إطاره الحضاري والطبيعي أو بمعنى آخر تنمية الموارد السياحية الطبيعية والحضارية ضمن مجموع الموارد السياحية المتاحة للدولة.
■يمكن للجغرافيا أن تلعب دوراً مهماً في التنمية السياحية، حيث أن دراسة الموقع الأمثل لأي مشروع سياحي واختياره يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار كونه يعطي أكبر قدر من العائد بأقل التكاليف.
■التنمية السياحية تعتبر ضرورة ملحة لأنها تساعد على خلق فرص أكثر للعمالة، وبالتالي تعمل على رفع مستوى المعيشة وتكون معيناً للوصول إلى ما يصبو إليه المجتمع من تقدم ورُقي.
■التنمية السياحية في أي بلد له مقومات سياحية تتيح له فرص كبيرة في زيادة الدخل الوطني وتحسين ميزان مدفوعاته وحسابه الجاري الدال على ثروته من العملات الصعبة.
■هي صياغة الهدف الرئيسي لسياسة سياحة إنسانية واعية بالبيئة.
■ضمان التكامل الأمثل للحاجيات السياحية لجميع السائحين من مختلف المستويات في إطار التنظيمات الفعالة وفي بيئة صالحة مع الأخذ بنظر الاعتبار مصالح السكان المحليين.
■التنمية السياحية هي طريق المستقبل وهي مرحلة من مراحل تحقيق هدف أكبر هو تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
نحو مفهوم جديد للتنمية السياحية
يستند هذا المفهوم الجديد على عدد من الركائز التالية:
■التخطيط العلمي السليم.
■الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية.
■احترام البيئة وحماية الموارد الطبيعية من الخراب والتلوث.
■استيفاء كل مشروع سياحي مجموعة من الشروط البيئية – لتكون التنمية السياحية صديقة للبيئة – منها:
ـ قيام كل مشروع سياحي بتحديد وتقييم الأثر البيئي (إيجابي أم سلبي).
ـ وضع أصول وحلول لكيفية النهوض بالبيئة وحمايتها.
ـ وضع التصميمات المرتبطة بالبيئة والتي تعكس أصالتها.
■الاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير، ويتم ذلك بتجميع المشروعات التي تنتمي إلى كل مركز أو (مجمع) سياحي جديد في إطار شركة يساهم فيها أصحاب المشروعات داخل المركز أو (المجمع) بحيث تكون الشركة مسؤولة عن:
ـ تنفيذ كافة المشروعات السياحية الأساسية الخاصة بالمركز والمرافق الملحقة بها.
ـ قيام المركز بإدارة وصيانة مشروعاته بصورة شاملة.
ـ توفير العمالة وتدريبها لصالح كافة مشروعات المركز.
ـ التسويق الخارجي للمركز ككل، وكذلك تسويق خدماته السياحية.
■ويتم تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للتنمية السياحية من خلال:
ـ إيجاد مراكز حضارية جديدة.
ـ زيادة مساحة العمران.
ـ توفير فرص جيدة للعمالة والقضاء على البطالة.
ـ عدم إتاحة الفرصة للمستثمرين غير الجادين بالاتجار في أراضي المناطق السياحية.
ـ توفير التوازن المطلوب بين حجم الإسكان السياحي والفندقي لتنشيط السياحة الواحدة الداخلية سوياً مع السياحة الخارجية.
المركز أو (المجمع) السياحي
هو مجموعة متكاملة من الأنشطة:
■السياحية.
■الثقافية.
■التجارية.
■بالإضافة إلى منطقة إسكان العاملين ومنطقة الخدمات في تجمع عمراني متكامل وظيفياً.
ـ يرتكز المركز السياحي على مفهوم التنمية المتواصلة المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية الجاذبة للسياحة وتنوع عناصر الجذب السياحي لتحقيق أفضل استخدام للعرض السياحي المتكامل.
إن من أهم محاور التطوير لتحقيق التنمية السياحية هي:
■الارتقاء بجودة الخدمات السياحية باعتبارها معيار السبق والتميّز في عالم اليوم والمستقبل.
■التعاون بين كافة مؤسسات الدولة لتطوير النشاط السياحي والارتقاء به، ذلك أن قطاع السياحة له علاقة مباشرة (وغير مباشرة أيضاً) بجميع مؤسسات الدولة، ومن ثم لابد من دراسة تأثير مؤسسات الدولة المختلفة على القطاع السياحي وكذلك لابد من تحديد العلاقة بين جهات تقديم الخدمات وجهات الرقابة والإشراف.
■العمل على رفع كفاءة العنصر البشري من خلال:
ـ التعليم: لابد من تحديد مجالات الدراسة أولاً لتحقيق أهداف العملية التعليمية في المدارس والمعاهد السياحية والفندقية، ويجب على الدولة أن تقدم الدعم للمؤسسات العلمية المتخصصة في السياحة والفندقة وتطوير برامجها الدراسية والاستفادة من البرامج الدراسية العالمية المتقدمة.
ـ التدريب: لابد أن يتم تحديد أهداف التدريب السياحي والفندقي الحالية والمستقبلية على أساس الاحتياجات الفعلية لمجمل القطاع السياحي مع توفير الكوادر الملائمة للعمل في قطاع السياحة بشكل يؤدي إلى رفع مستوى أداء الخدمات السياحية لمواجهة تنوع الطلب السياحي، وكذلك تطوير البرامج التدريبية باستمرار.
ـ الاهتمام بوعي المجتمع في مجال السياحة وذلك من أجل إيجاد صناعة سياحية راقية.
ـ الاستفادة من الإمكانيات الهائلة لشبكة المعلومات العالمية (الانترنت) في العمل على زيادة معدل نمو الاستثمار السياحي والفندقي.
المعوقات التي تعترض التنمية السياحية
تعترض التنمية السياحية عدد من المعوقات التي تؤخر وتقلص دورها في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومن أهم هذه المعوقات:
1– المعوقات الخاصة بالتخطيط السياحي:
وتتمثل في غياب النظام الجيد للمعلومات والإحصاء السياحي، فلا شك أن توفر المعلومات والبيانات الخاصة بمناطق الجذب السياحي أو المتعلقة بنشاط معين تعتبر أحد الأعمدة التخطيطية. فالنظام الإحصائي في بعض الدول خصوصاً العربية منها يتصف بعدم الشمول ويقتصر على بعض الأرقام الخاصة بتصنيف السائحين على حسب الجنسية، وعدد السائحين موزعاً على شهور السنة وعدد الليالي السياحية. إن الجانب السلبي في هذا النظام يكمن في غياب الكثير من المعلومات المهمة واللازمة للباحثين أو القائمين بالتخطيط في مجال السياحة مثل:
ـ توزيع السياح على حسب طريقة الوصول إلى البلد (براً أو بحراً أو جواً).
ـ الغرض من القدوم.
ـ أماكن إقامة السياح (المدن – المصايف – الفنادق – القرى السياحية – بيوت الشباب – الشقق والغرف المفروشة).
ـ الأماكن التي يزورها السائح.
ـ تصنيف السياح على حسب السن والجنس وبلد القدوم.
ـ تصنيف السياح في الرحلات السريعة أو الترانزيت على حسب الجنسية والمدة.
ـ استطلاع رأي السياح في الأماكن السياحية.
إنّ توفر هذه البيانات والمعلومات يمكّن القائمين بالتخطيط على تركيز جهودهم نحو التوسع في إنشاء الفنادق من فئة معينة وتحسين أداء الخدمات فيها من جهة، وتطوير الخدمات المرفقة والملحقة بها من جهة أخرى. وكذلك تنمية وتطوير الموارد والمقومات السياحية الموجودة. كما أن معرفة عدد السياح موزعاً طبقاً لطريقة الوصول يساعد في تطوير أو دعم طرق النقل ووسائل المواصلات اللازمة من البلد إلى الخارج أو من خارج البلد إلى الأماكن السياحية الموجودة داخل البلد.
يضاف إلى ذلك فإن عدم توفر كراريس وكتيبات وخرائط سياحية كاملة وشاملة تحتوي على مناطق الجذب السياحي القائمة، وتضارب وتشتت الاختصاصات بين الوزارة المختصة بالسياحة وبعض المؤسسات والوزارات الأخرى ذات العلاقة، وانخفاض الوعي بأهمية وقيمة التراث الحضاري كما هو في بعض دول العالم الثالث، وعدم توفر رؤوس الأموال المحلية والأجنبية اللازمة للاستثمار السياحي، تعتبر جميعها من أهم العوامل السلبية الرئيسية المؤثرة على التخطيط السياحي.
2– سوء توجيه الاستثمارات في قطاع السياحة:
وقد يلاحظ في العديد من الدول السياحية أن بعض شركات الاستثمار السياحية الوطنية والأجنبية تركز استثماراتها في مجالات ضيقة قد لا يحتاجها السائح أو يرغب فيها كالنوادي ومحلات الترفيه الليلية.
3– عدم فعالية التسويق السياحي:
يقوم التسويق السياحي بدور هام في بيع المنتج السياحي، فالتسويق السياحي من خلال الدعاية والإعلان يكون أمراً ضرورياً بالنسبة لمنتج يعتمد على الرضا والمتعة التي يتوقعها المستهلك من عملية الشراء، والتسويق السياحي الناجح هو الذي يثير رغبة المستهلك ويولد القناعة لديه بأن المنتج السياحي المعلن عنه هو أفضل المتوفر في سوق السياحة العالمية ويلبي رغباته المطلوبة.
قد تمتلك الدولة العديد من الموارد السياحية المهمة كما هو في العراق ومصر واليمن وسوريا وليبيا، ولكنها تعاني من مشكلة التقصير في تسويق مواردها ومقوماتها داخلياً وخارجياً، بمعنى آخر أن الحد الأدنى من الجهود والأنشطة التسويقية اللازمة لتنشيط الحركة السياحية لم يتوفر بعد في مثل تلك الدول.
4– التضخم:
يعتبر الارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات أحد العوامل الاقتصادية المؤثرة على الطلب السياحي في بلدٍ ما. وتعد الدول العربية من الدول التي تعاني من الارتفاع المستمر في معدل التضخم السنوي، ويعود ذلك إلى عدة أسباب من أهمها انخفاض الانتاجية وقلة العرض قياساً بحجم الطلب.
5– انخفاض مستوى الخدمات المساعدة للسياحة:
رغم التحسن النسبي لطرق المواصلات ووسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية الداخلية والخارجية في الكثير من دول العالم، إلا أن الدول المعنية بالسياحة في العالم الثالث مازالت تعاني من ضعف خدمات الاتصالات وكذلك من مشكلات أخرى تتعلق بمشاريع الصرف الصحي وشبكات المياه والكهرباء والإنارة وطرق المواصلات التي تربط بين المواقع والأماكن السياحية المتنوعة.
6– الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي:
رغم اعتراف خبراء السياحة والاقتصاد بضرورة تمتع الدول السياحية بدرجة عالية من الاستقرار الأمني والسياسي، إلا أن العديد من دول العالم الثالث ما زالت تعاني من قلة الاستقرار الأمني والسياسي نظراً لضعف القانون وتدهور الاقتصاد وانتشار البطالة وتفشي الجريمة والفساد.
7– مشاكل ومعوقات أخرى:
هناك أيضاً مشاكل أخرى تشترك فيها معظم الدول السياحية في البلدان النامية وأهمها:
ـ عدم الاهتمام بنظافة الأماكن السياحية خصوصاً الأثرية والدينية منها.
ـ عدم وجود شرطة للسياحة في بعض المناطق السياحية وخاصة الأثرية والتاريخية.
ـ تخلف خدمات السياحة المصرفية في البنوك وخاصة في الفنادق.
ـ سوء المعاملة بمكاتب شركات السياحة والطيران في الداخل والخارج.
ـ استغلال سائقي سيارات الأجرة لمجاميع السياح من الأجانب بصفة عامة مما يسيء إلى سمعة البلدان السياحية.
ـ عدم الاهتمام بالمظهر العام والزي الخاص بالعاملين في قطاع السياحة مع متطلبات العمل.
ثانياً: السياحة والتنمية الاجتماعية
■تساهم السياحة في تنمية المجتمع إسهاماً واضحاً مما يحتم التركيز على قطاع السياحة بشكل كبير من خلال تحسين مستوى الخدمات السياحية والفندقية والنقل وإعداد برامج تدريبية في هذا المجال باستخدام التخطيط العلمي السليم المتكامل.
■الازدهار المستمر للسياحة يقضي على العديد من المشاكل، كالبطالة والركود الاقتصادي، وإعادة توزيع السكان بشكل أفضل وذلك بإقامة المشاريع السياحية في المجتمعات العمرانية السياحية الجديدة.
■السياحة الداخلية تستلزم الاهتمام بالجانب الصحي للمجتمع والقضاء على التلوث البيئي، من خلال انتشار المسطحات المائية والمساحات الخضراء.
■السياحة بكل أنواعها لها أبعادها الاجتماعية والجمالية والعمرانية والصحية، التي يجب مراعاتها عند التنمية السياحية.
■السياحة صناعة بشرية تحقق الرفاهية للمجتمع، فهي تتيح فرصة الراحة والاستجمام مما تؤدي إلى استعادة اللياقة الذهنية والعصبية لما يفيد زيادة الإنتاج.
■السياحة تمثل أهمية بالغة في المجتمع الإنساني في تأكيد حق الإنسان في الاستمتاع بوقت الفراغ من خلال حريته في السفر مقابل حقه في العمل لارتباط ذلك إيجابياً بعملية الإنتاج والتنمية.
■السياحة تقود إلى تحقيق التآلف بين المجتمع والمشروع السياحي من خلال اختيار الأنماط السياحية التي تتلاءم وطبيعة ظروف البلد والتي لا تتعارض مع قيم وعادات المجتمع، وتوسع قاعدة المشاركة لأكبر عدد من المواطنين داخل المنشآت السياحية بحيث تستوعب أكبر عدد ممكن من العاملين في المناطق السكنية المحيطة بالمشروع السياحي.
■السياحة تفيد المجتمع من الخدمات التي توفرها المشاريع السياحية من تبليط الطرق وتجميل المناطق كإقامة الحدائق وملاعب الأطفال وكذلك تحسين خدمات الاتصال ومشاريع الصرف الصحي وإنفاق السواح وغيرها.
■السياحة أداة لتعميق الانتماء وتنمية الوعي الوطني والاعتزاز بالوطن، وتساهم في بناء الشخصية الإنسانية وتماسك المجتمع بما تتيحه من أشكال التآلف والتعارف.
■يعتبر الوعي السياحي أحد العوامل المهمة في رفع الوعي الاجتماعي عند السكان، من خلال الزيارات والرحلات التي تؤدي إلى تنمية الوعي السياحي لدى أفراد المجتمع، مما يجعلهم يتعرفون على قيمة ما يحيط بهم ويعملون على تقديمه في أفضل صورة تجذب السواح من مختلف دول العالم.
■إن الرواج الاقتصادي المتحقق من تطور النشاط السياحي له تأثير يعود بالفائدة المباشرة على الارتقاء بالمجتمع، ويقود السكان إلى التمسك بالسلوكيات والقيم الحضارية الجيدة مثل كرم الضيافة وحسن معاملة الغير.
■إن تطوير السياحة وإنشاء المجتمعات الجديدة والالتقاء والاحتكاك بثقافات وحضارات مختلفة تعزّز التنمية الاجتماعية في المناطق المزدهرة سياحياً.
■السياحة كمصدر مهم للدخل تعتبر قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
■السياحة نشاط إنساني وظاهرة اجتماعية تسود المجتمعات المختلفة فتؤثر بها سلباً وإيجاباً لأنها تقوم على تفاعل مباشر بين السائح وأفراد المجتمع المضيف.
■السياحة أصبحت مصدراً مهماً من مصادر التغيير والتحول الطبقي بين أفراد المجتمعات السياحية نظراً لأن بعض فئات المجتمع التي ترتبط أعمالهم بالسياحة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ينتقلون من طبقة اجتماعية إلى طبقة أفضل لما يحققونه من مكاسب وأرباح من العمل السياحي.
■السياحة هي وسيلة حضارية لتنمية الثقافة بين الشعوب والمجتمعات المختلفة حيث تكتسب الدول السياحية المهارات الثقافية والخبرات المختلفة من سائحي الدول القادمين إليها مثل اللغة والأفكار السليمة.
■السياحة تقود إلى التطور الاجتماعي بين أفراد المجتمع في الدول المستقبلة للسائحين نتيجة الاحتكاك المباشر بين السائحين وبين أفراد المجتمع سواء في أماكن الإقامة كالفنادق وغيرها أو في المطاعم والمحلات التجارية وأثناء التجول، ويأخذ هذا التطور أشكال مختلفة مثل اكتساب أفراد المجتمع لعادات وقيم سليمة من السائحين كاحترام القوانين والنظام وآداب السلوك.
■السياحة الداخلية تدعم النسيج الوطني للمجتمع بالاحتكاك المباشر بين أبناء المجتمعات المحلية، وتؤدي إلى تماسك الأسرة كوحدة اجتماعية أساسية في المجتمع وتعمل على تعزيز وحدة التراب الوطني.
■تبنت الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية خلال دورتها الثالثة عشر التي عقدت في سانتياغو عاصمة شيلي مجموعة من المبادئ الأخلاقية للسياحة. وبدورها تبنت الحكومات والمؤسسات والشركات السياحية التي شاركت في منتدى منظمة السياحة الدولي الثالث للبرلمان والسلطات المحلية هذه المبادئ.
إنّ أهم ما جاء في المبادئ الأخلاقية للسياحة هي:
ـ مساهمة السياحة في تحقيق التفاهم والاحترام بين الشعوب والمجتمعات.
ـ السياحة وسيلة لتحقيق الإنجازات الفردية والجماعية.
ـ السياحة عنصر من عناصر التنمية.
ـ السياحة تستخدم الميراث الثقافي للإنسانية وتساهم في تطويرها.
ـ السياحة نشاط نافع ومفيد للدول المضيفة ومجتمعاتها.
ـ السياحة تشجع الاستثمار بالتنمية السياحية.
ـ السياحة تقوّي الشعور بالحق في السياحة وبحرية الحركات السياحية.
ـ السياحة تشجع الحفاظ على حقوق العاملين في القطاع السياحي.
استراتيجيات التنمية السياحية
يمكن القول بأنه لا توجد إستراتيجية واحدة للتنمية السياحية يمكن اعتمادها في جميع الدول، ولكن توجد استراتيجيات تقوم على الأسس العلمية السليمة والقدر الكافي من الموضوعية والخبرة السياحية التي يمكن اختيار الأفضل منها بما يتناسب مع الظروف الجغرافية والمناخية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والتمويلية الخاصة بالمقصد السياحي وبما يتلاءم مع الطلب السياحي الخارجي والداخلي المتاح أو المحتمل.
ورغم ظهور العديد من الانتقادات التي وجهت للسياحة كقطاع إنتاجي سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو البيئية فإن الحكم على صحة هذه الانتقادات يتوقف بشكل جاد على النموذج الذي يمكن تبنيه أو الإستراتيجية التي يمكن اختيارها للتنمية السياحية، إذ يمكن تفادي مخاطر وتكاليف التنمية السريعة الخطى غير الخاضعة للقدر كبير من الرقابة التخطيطية.
وبما أن السياحة ترتبط ارتباطاً مباشراً وكذلك غير مباشر بقطاعات إنتاجية وخدمية عديدة من قطاعات الاقتصاد الوطني كالزراعة والصناعة والبنوك والعمران والتأمين والإعلام وغيرها، ولكونها نشاط يعتمد على الخدمات الإنسانية إلى حد كبير فإنها تؤدي إلى زيادة في فرص العمالة داخل البلد بشكل أفضل من غيرها من النشاطات أو الصناعات، وتزيد أهمية هذا الجانب في أوقات الأزمات الاقتصادية بوجه خاص سواء في الدول النامية أو في الدول المتقدمة.
ويرى العديد من علماء السياحة والخبراء الدوليين أن الكثير من المتغيرات الكمية والكيفية الناجمة عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية قد سيطرت على العرض السياحي خلال التسعينات من القرن الماضي، مما أدى إلى ظهور أنواع جديدة من الطلب السياحي وظهور التكنولوجيا غير المسبوقة. فالتغير في الطلب السياحي يتضمن ظهور أنواع جديدة من العرض السياحي استجابة للمتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ونتيجة لزيادة حدة المنافسة بين دول المقصد السياحي، الأمر الذي يوجب اهتماماً أكبر لتحسين مستوى الخدمات السياحية بشكل أفضل. من ناحية أخرى سيحدث اتجاه نحو مزيد من التكامل بين مكونات العرض السياحي في دول متجاورة تشكل مناطق جغرافية موحدة مما يعتبر استجابة للطلب السياحي الدولي وشمول أكثر من دولة واحدة في الرحلة السياحية الواحدة.
لقد ساهمت السياحة بشكل إيجابي في اقتصاديات دول عديدة بشكل أصبحت عاملاً مهماً في التنمية الاقتصادية نتيجة ضخامة عائداتها ومرونة واستخدام تلك العائدات في قطاعات عديدة من الاقتصاد الوطني.
وفي الثمانينات من القرن الماضي ساهمت السياحة بصورة متميزة في التنمية المحلية من حيث استخدامات الأراضي وذلك بإتباع إستراتيجيات تنمية محلية بضمنها حماية الموارد الطبيعية والاجتماعية والحضارية والعمل على زيادة نشاط التفاعلات الاجتماعية والحضارية ورفع مستوى الإدارة المحلية للموارد السياحية.
ويعتبر الرخاء الاقتصادي والإنساني هو الهدف الأساس لكل الجهود التي تستهدف التنمية، ولا يقتصر الرخاء على رفع مستوى المعيشة في المناطق النامية فحسب بل إنه يشمل أيضاً نشر القيم الإنسانية التي تساعد في تحقيق التنمية. ومن هنا تتضح الحقيقة بأن السياحة تحقق رسالة إنسانية عظيمة إلى جانب هدفها الاقتصادي