الهوية المكتسبة والمتغيرة عبر الزمن والثقافات

      يشير النوع الاجتماعي إلى الأدوار المحددة اجتماعيا والسلوكيات والعلاقات بين الذكور والإناث. بالرغم من أن المرأة قد تتعرض لأشكال مختلفة من القمع وعلى أسس شتى منها الطبقي، والعرقي، والثقافي، والديني، والوطني، وغيرها، إلا أن النوع الاجتماعي يبقى العامل الأول في تحديد واقع المرأة الاجتماعي.

يرتبط النوع الاجتماعي بدور كل من الذكر والأنثى والتصورات المجتمعية المنبثقة عن ذلك. ويشمل علاقة القوة بين الرجل والمرأة. كما يرتبط بالمساواة والتكافؤ بين الفتيان والفتيات والرجال والنساء، من خلال أدوارهم. ويتباين مفهوم المساواة النوعية بين كثير من المؤسسات والمفكرين إلا انها تنحصر في الإنصاف في الفرص والمخرجات. فيعرفها صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) على انها “المساواة للنوع الاجتماعي تعني مجتمعا يتحلى فيه الرجال والنساء بنفس الفرص والمخرجات، والحقوق والواجبات في كافة مناحي الحياة. وتتحقق المساواة بين الرجال والنساء عندما يكون كل منهما قادرا على أن يتقاسم بشكل متساو القوة والتأثير، ويملك فرصا متساوية للاستقلال المالي من خلال العمل أو تأسيس منشأة أعمال، ويتمتع بفرص متساوية في الحصول على التعليم وتطوير طموحاته الذاتية”. فيما تعرف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) المساواة على انها “التمتع المتساوي للرجال والنساء في الفرص، والموارد، والمنافع، والسلع المثمنة اجتماعيا. والمساواة بين الجنسين لا تعني أن يصبح الرجال كالنساء أو العكس ولكن أن تكون فرصهم في الحياة واحدة”.

إن قضية النوع الاجتماعي لا تمس المرأة وحدها دون الرجل، فالفكر السائد يحدد الأدوار، السلوك، المسؤوليات، والقيود على كلا الجنسين. وحتى يؤدي التمكين إلى دمج فعلي للنساء اجتماعيا وليس تكريسا للتميز والفصل داخل المجتمع، لا بد من دمج الرجال في برامج النوع الاجتماعي. فللرجال دور كبير يؤدونه في برامج النوع الاجتماعي، إلا أن هذا المورد غير مستغل بالشكل الصحيح والسليم. فكثير من المشاريع التي عملت على المساواة بين الجنسين لم تعط النتائج المرجوة، لأنها ركزت بشكل كامل على المرأة دون الرجل، وأخرى حملت المرأة العبء كاملاً لتقوم بالتغيير وحدها.

 

ولن تتحقق المساواة دون مشاركة الرجال الأكثر قوة من ذوي العلاقة في قضايا النوع الاجتماعي. والعنف ضد المرأة أصلا مبني على فهم النوع الاجتماعي، والوقاية من العنف تقتضي إشراك الرجال ودفعهم لتبني هذه القضية والعمل عليها. ولا ننسى أن عدم المساواة بين الجنسين مرتبط أصلا بتعريف المجتمع للرجولة. فليس الاختلاف بين الجنسين هو الذي يولد التمييز الجنسي وهيمنة الأقوى على الأضعف .بل إنه الخوف من هذا الاختلاف ومن الفروقات التي يمكن أن تفهم كتهديد للذات. مما يجعل الآخر في علاقة شك وعدائية لحماية النفس والدفاع عن الوجود. هذه النفس التي تسقط على مرآته ما فيها من مشاعر سلبية لا تقبلها، وذلك في عملية لا واعية قد تكون تدميرية للآخر والذات.