ونحن ندخل مدينة بابل القديمة من بوابة عشتار التي لاتزال تزهو بلونها المحاكي للون السماء ،نستنشق عبير البطولة والعنفوان التي جعلتها مملكة مرهوبة الجانب من الخليج العربي وحتى تخوم مصر الفرعونية ،ونرى الملك الشاب برفقة محبوبته الهمدانية وهو يضع اللمسات الفنية لبناء مدينته بعد ان قضى على تمرد نينوى واورشليم وظهر في النقوش الحجرية على الجبال ، كبطل كلداني يصارع الأسود المتوحشة ، انه مزيج القوة والحس الفني المرهف الذي صنع بابل العظيمة، ولايزال صوته يتردد عبر اســوار بابل وقرون الزمن الطويلة وهو يقول: (ما لم ينجزه ملك قبلي قمت بأنجازه) .
في العام 600 ق . م قرر ملك بابل نبوخذ نصر بناء جنائن تبدو للناظر اليها من على بعد وكأنها معلقة في السماء ،وذلك بعد ان اشتكت زوجته التي كان يحبها من انها تحن الى حيث الجنائن الجبلية التي عاشت فيها في موطنها ايام الصبا ويقال انها مدينة همدان الأيرانية الحالية ، وزوجته هي ابنة ملك ميديا حليف بابل ومن بعد ذلك حليف الملك الشاب نبوخذ نصر وكان قد عشقها وتزوجها قبل تنصيبه ملكا ً ولما يزل وليا ً للعهد حيث ارسله والده الى هناك في مهمة رسمية ،والجنائن من لدن خيال نبوخذ نصر وتنفيذ المهندسين البابليين . وهي تعتبر بحق اعجب العجائب الموصوفة لسحرها والفن المستخدم في بنائها وخاصة طريقة سقيها في ذلك العصر القديم وارتباطها بجانب رومانسي من حيث كان الدافع لأمر بنائها هو حب الملك الشاب لزوجته ومحاولته ايجاد بيئة مماثلة لبيئة الوطن الذي عاشت فيه.
شكل الحدائق : بلغ ارتفاع الحدائق 100 متر و تم تنفيذها على مسطحات من مستويات مختلفة و اتخذت شكلا هرميا ، فظهرت للناظر و كأنها معلقة في الهواء واتكأت على أقواس رخامية متصلة بسلالم رخامية وزودت بانواع الزهور والنباتات الصيفية والشتوية الغريبة الأنواع التي جلبت من بلدان مختلفة ،وكان الماء يصل الطابق العلوي حيث يحفظ في خزانات وتلك الخزانات مربوطة مع الطوابق الأخرى بسواقي ويعتقد انها اتخذت السور الرئيسي للمدينة جزءا ًمن اسوارها ومتكئها واحيطت بسور داخلي بعرض سبعة امتار، وكانت احواض الزهور فيها مصنوعة من الحجر ومعدن الرصاص ،اما طريقة السقي فكانت من الغاز بابل الكثيرة فقيل انها كانت تسقى بلوالب حلزونية صنعت خصيصا ً لها كانت تدار بسواعد العمال والعبيد وقيل بطريقة البكرات والحبال حيث كانت تحتاج الى 37000 لتر من الماء يوميا .