الجندر والمشاركة السياسية للمرأة
ا.د.مكي الربيعي
تداول في الاوساط العلمية والسياسية والاجتماعية مصطلح ( الفامينيزم feminism) الذي يترجم الى النسوية او الانوثة او نظرية الحقوق الجديدة للمراة القائمة على اساس الجندر وارتبط مصطلح ( الجندر ) بحركات تحرير المراة وغايته القصوى تحقيق مايسمى ( النزعة الانثوية ) في مواجهة المجتمع الذكوري , ويؤرخ لظهور الحركات الانثوية بنهاية القرن التاسع عشر في فرنسا وبريطانيا وامريكا واول من حدد مفهوم الجندر بشكل واضح الفيلسوفة الوجودية سيمون دي بوفوار التي اشارت في كتابها الجنس الثاني ( لايولد الانسان امراة , انما يصبح كذلك )
والجندر يوضح العلاقة التي تنشا بين المراة والرجل على اساس ثقافي وديني وسياسي واجتماعي , والاختلافات التي وضعها البشر عبر التاريخ بالنظرة الى النوع الاجتماعي قابلة للتغيير لانها تتكون اجتماعيا , ولهذا فان دعاة مصطلح الجندر يقدمونه على انه يحمل تحرير المراة وتحسين دورها في التنمية .
ونتيجة لحصول المراة على جانب مهم من حقوقها السياسية عبر انتشار حركات التحرر والاتجاهات الديمقراطية والافكار الاصلاحية , تاسست بذلك جمعيات نسائية تدافع عن حقوق المراة بحيث تداخل هذا الاهتمام في كل مرافق الحياة ولم تضع خطة او اي مشروع للتنمية السياسية والاجتماعية بدون دخول المراة ضمن برامج هذا المشروع , وقد مكن ارتباط مفهوم الجندر بمفهوم تنمية المراة من الدخول في مجالات السلطة الاقتصادية والسياسية وتمكنها من صنع القرار واتخاذه , وبذلك اصبحت عبارتا المشاركة والجندر جزءا من خطاب التنمية وممارساته ,
وباتت افكار الحركة الانثوية تمثل رؤية معرفية وايديولوجية للعالم وليست مجرد افكار حقوقية اوسياسية او اقتصادية عن المراة وتعد الحركة الانثوية اقوى الحركات الفكرية التي ترعرت في ظل العولمة كحركة فكرية تمارس العمل عبر مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات الامم المتحدة .
وطبقا لهذا الاتجاه تنبع منه افكار انثوية متطرفة تدعو الى منهج تغييري انتقادي لبناء علاقة منصفة بين الرجل والمراة تقوم على اساس مادي تتسع لتمثل جميع مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
في المقابل تشير بعض اراء الباحثين والمفكرين في هذا الصدد الى خطورة الحركات الانثوية في تبنيها مجموعة من الاراء والخيارات التي تعتبر تهديدا مباشرا لكل الاديان والقيم والحضارات الانسانية , واصبحت هذه الافكار الانثوية تمثل النسق الفكري للعديد من الوكالات الدولية التابعة للغرب وللامم المتحدة , التي صاغتها في شكل اتفاقات دولية مفروضة على كافة المجتمعات دون تمييز بين المجتمعات وثقافاتها المختلفة , بل تفرض ضغوطا سياسية في حالى عدم تطبيقها في بعض الدول .
وفي ضوء كل ماتقدم يتضح لنا بانحياز الامم المتحدة للغرب والحضارة الغربية بفرضها لتلك القيود , جاءت برد فعل من الحركات النسوية العربية بتوضيحها لمفهوم الجندر او النوع الاجتماعي بان النموذج العربي العلماني ليس هو الامثل للنهوض بالمراة بل ان الاصولية العلمانية اشد وطاة على حقوق المراة من التطرفات الدينية وفي ضوء كتابات المعتدلين في هذا الجانب يمثل عالم الجندر سياقا لمجتمع يريد ان ينتقل الى مرحلة المجتمع المدني فيه احترام لحقوق الانسان وتساوي الفرص في ظل مواطنة لاتفرق بين الافراد على اساس الدين او العرق او الجنس , واذا تحدثنا عن الديمقراطية تخجل امام هذه العبارة متى ما طبقناها على مجتمع نصفه او اكثر لم ياخذ دوره الاجتماعي ومنذ قرون .