رسل زياد راهي

إشــــــراف

أ. م.د مسلم محسن عبود السوداني

بعض الاحكام والشروط في الحج

اولاً : شروط الحج : يشترط في فريضة الحج بعض الشروط منها:

الشرط الأول: البلوغ : فلا يجب الحجّ على غير البالغ، وإن كان مراهقاّ، ولو حجّ الصبيّ لم يجزئه عن حجّة الاسلام وإن كان حجّه صحيحاً على الأظهر.

الشرط الثاني: العقل: فلا يجب الحجّ على المجنون ، نعم إذا كان جنونه أدوارياً ووفى دور إفاقته بالإتيان بمناسك الحجّ ومقدّماتها غير الحاصلة، وكان مستطيعاً، وجب عليه الحجّ وإن كان مجنوناً في بقيّة الأوقات، كما أنّه لو علم بمصادفة دور جنونه لأيّام الحجّ دائماّ وجبت عليه الاستنابة له حال إفاقته([1])

الشرط الثالث: الحريّة.

الشرط الرابع: الاستطاعة

ويعتبر فيها أمور:

الأول : السعة في الوقت، ومعنى ذلك وجود القدر الكافي من الوقت للذهاب إلى الأماكن المقدّسة والقيام بالأعمال الواجبة فيها.

  وعليه، فلا يجب الحجّ إذا كان حصول المال أو توفر سائر الشرائط في وقت لا يسع للذهاب إليها وأداء مناسك الحجّ، أو أنّه يسع ذلك ولكن بمشقّة شديدة لا تتحمل عادة.
وحكم ذلك من حيث وجوب التحفّظ على المال إلى السنة القادمة وعدمه يظهر .

الثاني : صحّة البدن وقوّته، فلو لم يقدر- لمرض أو هرم – على قطع المسافة إلى الأماكن المقدّسة، أو لم يقدر على البقاء فيها بمقدار أداء أعمالها لشدّة الحرّ مثلاً، أو كان ذلك حرجيّاً عليه، لم يجب عليه الحجّ مباشرة، ولكن تجب عليه الاستنابة.

الثالث: تخلية السرب  ، ويقصد بها أن يكون الطريق مفتوحاً ومأموناً، فلا يكون فيه مانع لا يمكن معه من الوصول إلى الميقات أو إلى الأراضي المقدّسة، وكذا لا يكون خطراً على النفس أو المال أو العرض، وإلاّ لم يجب الحجّ

هذا في الذهاب، وأما الإياب ففيه تفصيل. وإذا عرض على المكلّف بعد تلبّسه بالاحرام ما يمنعه من الوصول إلى الأماكن المقدّسة من مرض أو عدوّ أو نحوهما فله أحكام خاصّة ستأتي إن شاء الله تعالى.

ثانياً: أركان الحج :

  أركان الحج هي الواجبات أو المناسك الأصلية للحج، التي تركها متعمداً يوجب بطلانه. والركن في اصطلاح الفقهاء هو عملٌ تركه العمدي أو السهوي يوجب بطلان العبادة كالصلاة مثلاً. وهنالك اراء بخصوص احكام الحج لدى المسلمين تقسم الى مدرستين :

  اولاً مدرسة اهل البيت عليهم السلام : في نظر فقهاء الشيعة، إن الإحرام والطواف والوقوف في عرفات، والوقوف في مشهر الحرام، والسعي بين الصفا والمروة من أركان الحج. لكن في ركنية النية والتلبية والترتيب فهناك خِلافٌ. الشهيد الأول، والصيمري، وكاشف الغطاء، والمحقق الكركي من فقهاء الشيعة الذين يعتقدون بأن هذه الثلاثة من أركان الحج.

  ثانياً مدرسة ابناء العامة : اختلف فقهاء المذهب السني في عدد الأركان؛ فعند الفقهاء الشافعيين، إن للحج ستة أركان، وعند المالكية والعديد من الحنابلة أربعة أركان، وبحسب مشهور المذهب الحنفي له ركنان. كما اعتبر الشافعيون، الحلق والتقصير من أركان الحج أيضاً. وفقهاء المالكية رفضوا ركنية الوقوف في المشعر، والفقهاء الحنابلة ترددوا في ركنية السعي الصفا والمروة. كما لا يقبل فقهاء الحنفية ركنية الإحرام والوقف في المشعر والسعي والصفا والمروة([2]).

ثالثاً: الحكمة من مشروعية الحجّ والعمرة: شرع الله تعالى كلاً من الحجّ والعمرة لحِكمٍ عديدةٍ، ([3]) منها:

  • شُكر الله على نعمة العافية والمال التي استخدمها فيما يرضيه، وإظهار العبودية له.
  • مظهرٌ للوحدة، والأخوّة الإسلامية، فالجميع يلبسون نفس اللباس، ويعبدون رباً واحداً، ويتوجهون لقبلةٍ واحدةٍ، فتذهب بذلك كلّ الفروق بينهم من لونٍ، وجنسٍ، ولغةٍ، ووطنٍ.
  • مدرسةٌ للعمل الصالح والإيمان، فيتعود المسلم على التواضع، والصبر، ويتذكّر أهوال يوم القيامة، ويستشعر لذّة عبادة الله تعالى، ويُدرك عظمة الخالق عزّ وجلّ.
  • تذكيرٌ بحال الأنبياء والرسل في أخلاقهم، وعبادتهم، وجهادهم، ودعوتهم.
  • ميزانٌ وبرهانٌ يعرف به المسلمون أحوال بعضهم من علمٍ، أو جهلٍ، أو فقرٍ، أو استقامةٍ، أو انحرافٍ.
  • موسمٌ لكسب الأجر، ومغفرة الذنوب، ونزول الرحمة من الله تعالى، وتكفير السيئات.

رابعاً: السفر: رُويَ عدّة روايات عن النبي (ص) والأئمة (ع) عن آداب السفر إلى الحج، بما في ذلك:

التوبة من الذنوب الماضية، السعي لتحصيل الزهد والحلم الذي يكبح جماح الغضب، حُسن الخلق مع المصاحب للمسافر، السخاء في الإنفاق على أمور الحج وتجنب المساومة في الشراء([4]).

[1] ) أبو صلاح الحلبي، تقي الدين بن نجم الدين، الكافي في الفقه، أصفهان، مكتبة الإمام أمير المؤمنين ، 1403 هـ.

[2] ) النجفي، جواهر الکلام، ج 18، ص 136.

[3] ) ابن فهد الحلي، المهذب البارع، ج 2، ص 206؛ الصیمري، غایة المرام، ج 1، ص 456؛ النجفي، جواهر الکلام، ج 18، ص 136.

[4] ) بن حمزة، الوسیلة، ص 157؛ ابن ادریس، السرائر، ج 1، ص 518-519.