رسل زياد راهي
إشــــــراف
أ. م.د مسلم محسن عبود السوداني
الأدلة القرآنية على جواز السياحة
يوجد عدد من الأدلة القرآنية على السياحة والسفر، وهي على أقسام وبحسب الآتي:
اولاً: الآيات الدالة باللفظ واشتقاقاته.
1- قوله تعالى: (السائحون الراكعون)( ).
وجه الدلالة بعد التسليم ان للفظ ظهوراً في الصيام أي الصائمون الراكعون، بضميمة الحديث الشريف الذي يبين ان السائح هو الصائم والذي مر ذكره، الا ان له ظهوراً اخراً من باب الاشتراك اللفظي، وهو الذي يسيح في الارض، والسياق ايضاً يدل عليه اذ ذكر سبحانه بعد العبادة انواعاً اخرى من الاعمال الصالحات ومعلوم ان العبادة تشمل الصيام فتكون عبارة السائحون دالة على معنى اخراً دفعاً للتكرار، قال تعالى: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين). وفيها كذلك وبنفس الدليل الراكعون يعني الخاشعون، والساجدون الخاضعون وهذا لا يدفع (كما بينا) ان يكون المقصود الصائمين المصلين الآمرين بالمعروف… وهذا يدل على كون السياحة للمقاصد الخيرية محمودة كطلب العلم ( ).
2- قوله تعالى: (سائحات)( )..
وهنا ايضاً يظهر اللفظ وهو في سياق المدح والمراد به العمل الصالح الذي ينشغل به المؤمن ويجري فيه، ومنه السياحة في الارض بقصد الخير والبر، ولأنه ذكرت قبله العبادة، فتبين انه لا يراد به خصوص الصيام وان لم يمتنع ان يكون كذلك فالاشتراك اللفظي لا يحصر المراد في معنى واحد كما ذهب اليه المفسرون حديثاً، كآية الله الدكتور صادقي طهراني حيث انه بين في مقام شرحه لقوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء)( ). ان المراد بالقرء الطهر مرة والحيض مرة ولما لم يقم الدليل على ارادة واحد منهما بعينه، فالاحتياط الجمع بينهما لأنه مراد المولى حينئذٍ ان المراد الطهر والقرء معاً وكذا فيما نحن فيه فلما لم يقم الدليل على ان السائحات هو خصوص الصائمات، ولا يمكن صرفه عن معناه ذاك فالمراد الصائمات المهاجرات في الله سبحانه.
ويظهر ايضاً انه من قبيل اذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اجتمعا فكلما جاء لفظ سائح في جملة واحدة لوحده فيكون اجتماع المعاني فيه، وكلما فصل بالتعداد للأعمال اخذ معناه الذي وضع له في الجملة، كالصيام، او خصوص التجوال في الارض، ومثال اذا قال تعالى: (مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وابكاراً)، وهي الآية التي نحن بصددها فالتفصيل واضح لأفراد المرأة المؤمنة الممدوحة ولفظ مسلمات لا يدل على ما يدل عليه لفظ مؤمنات لانهما اجتمعا فافترقا فالأولى تدل على مجرد النطق بالشهادتين والثانية تدل على اكثر من ذلك في شدة الايمان واستقراره في القلب، و بذلك ايضاً لا تدل سائحات على خصوص الصائمات بل على اعم من ذلك فالصائمات يدخل مفهومها في لفظ العابدات الذي سبق لفظ السائحات، فيظهر السائحات في المهاجرات ولأنه في مقام المدح، فيخرج السائح بالشر والنميمة وما الى ذلك من الرهبانية او هجران جماعة المسلمين، ولا يخفى أن لفظ (السائحون)، وكذا (السائحات) يدل على نفس المعنى وقد تقدم بيانه.
ثانياً: الاستدلال بالآيات الشريفة الدالات على المقصد بألفاظ اخرى غير لفظ السياحة.
الاولى: قوله تعالى: (فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)( ).
وجه الدلالة واضح في طلب السير في الارض والتنقل والتجوال بين اطرافها بقصد الاعتبار والعظة مما اصاب الاقوام السابقين ومدنهم ومساكنهم، وهل هذا الا السياحة في الارض لأحد أهم المقاصد الخيرية والأعمال الصالحة ليتعظ المتعظين، وقد ذكرت الآية مرتان.
الثانية: قوله تعالى: (قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق)( ).
وهذه ايضاً دعوة اخرى للسياحة بقصد الدراسات العلمية والحث الظاهر عليها، وبها يتأكد ليس فقط اباحة السياحة، بل استحبابها