خدمات السياحة الدينية
تهتم معظم الدول ذات العرض السياحي الديني بالسياحة الدينية وذلك لأثرها الاجتماعي والنفسي والاقتصادي في آنٍ واحد([1]).
تؤدي العوامل الدينية دوراً مهماً في زيادة سكان المدن وذلك من خلال المراقد والعتبات المقدسة ، إذ نعلم بأن معظم المدن التي نمت وتطورت كانت بسبب المراقد الدينية ، كما هو معروف في مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس والنجف وكربلاء بسبب الشوق الذي يجذب المسلمين إلى زيارة الأئمة والمراقد المقدسة الإسلامية الأخرى إذ أصبحت هذه الأماكن الدينية نقطة جذب أو بمعنى آخر تؤثر في استقطاب أعداداً كبيرة من السكان ، وبهذا أصبح العامل الديني أحد العوامل المساعدة على النمو الحضري ونمو المدن وبالتالي أصبحت الحاجة إلى بناء وتوسيع الخدمات المتعلقة بسكان هذه المدن ، ومنها الخدمات الترفيهية والسياحية ذات المغزى الديني والتي تتمثل بالسياحة الدينية ، وهي السياحة التي يقوم بها الناس بزيارة بعض الأماكن للتبرك أو المقدسة للحج أو لأداء واجب ديني أو للتعرف على التراث الديني للدولة([2]).
لذلك فأن العامل الديني يُعد عاملاً مهماً وفعالاً في تنمية الطلب السياحي، اذ يسود العالم اهتمامات دينية مختلفة ومتباينة وكل منها يقتصر على شريحة بشرية معينة من دون سواها لها ارتباطها الوثيق بنوع الديانة التي تعتنقها ، فالديانة الإسلامية ترتبط بمكة المكرمة والمدينة المنورة فضلاً عن الديانتين المسيحية واليهودية.ولكل منهما موسمه، إذ تنشأ حركة سياحية دينية لأفواج من السياح إلى تلك الأماكن([3]).وغالباً ما يكون هذا النوع من السياحة لمرة واحدة في السنة خلال مدة محددة وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث الاستقطاب السياحي([4]). وفي العراق القديم كان العراقيون يقيمون شعائر واحتفالات دينية خاصة بديانتهم وفي أوقات معينة من السنة ، فقد كان السومريون يحتفلون سنوياً بعيد الزواج المقدس والبابليون يحتفلون بعيد أكيتو في مدينة بابل ، ثم أصبح بعد ذلك عيداً واحداً يعرف بأعياد رأس السنة في حضارة وادي الرافدين([5]). ويعد العراق ذا مكانة دينية مرموقة في العالم الإسلامي فهو مهبط الكرامات على امتداد تاريخ الأنبياء والأئمة والزهاد الصالحين . وتوجد فيه مدن مقدسة كثيرة كمدينة النجف مرقد الإمام علي بن أبي طالب u ومدينة كربلاء اذ ان الروضتين الحسينية والعباسية ومدينة بغداد اذ الحضرة القادرية والروضة الكاظمية والإمام الأعظم نسبة إلى الإمام الأعظم النعمان بن ثابت ومدينة سامراء اذ الروضة العسكرية وغيرها من المدن الأخرى في العراق ، وأصبحت هذه المواقع ذات قيمة فنية وجمالية ومعمارية وتاريخية بمرور الوقت نتيجة للاهتمام الواسع بها ويؤمها الزوار بأعداد كبيرة خلال السنة من داخل القطر ومن الوطن العربي والعالم الإسلامي لأغراض الزيارة([6]).
إن هذا النوع من السياحة ( السياحة الدينية ) إذا ما استُغل بالشكل الصحيح وضمن مفهوم وقواعد تنشيط الحركة السياحية في العراق فإنه يشكل نسبة عالية من الإنفاق السياحي ويكوّن بعد ذلك رافداً من روافد الدخل القومي([7]) .
([1])المشهداني ، خليل إبراهيم أحمد ، أثر التحضر في تطوير المواقع السياحية في محافظة كربلاء ، رسالة ماجستير ، مركز التخطيط الحضري والإقليمي ، جامعة بغداد ، 1982 ، ص 67.
([2])عبد الوهاب ، صلاح الدين ، السياحة الدولية ، 1987 ، ص59.
([3])جاسم ، سامي مجيد ، التنمية السياحية في منطقة الصدور وبحيرة حمرين وإمكانية الجذب السياحي، أطروحة دكتوراه ، قسم الجغرافية ، كلية التربية ، ابن رشد ، جامعة بغداد،1999 م ، ص73 .
([4])حسن ،رجب ، النهضة السياحية ، الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة ،1976 م ، ص1.
([5])عبد الواحد ، فاضل ، حضارة وادي الرافدين أصالتها وتأثيرها في بلدان الشرق الأدنى (موسوعة العراق في التاريخ) ، دار الحرية للطباعة، بغداد1983 م ، ص287-286 .
([6]) هيئة السياحة ، دليل السياحة الدينية في العراق ، مطبعة الوفاق ، بغداد، 1992 ، ص7 .