سر الأيام القادمة
للكاتبة الإيرانية: مه دخت كشكولي
انتشارات: شباويز
ترجمة عبدعلي كاظم الفتلاوي
قصة من أدب الطفل
لم تشرق الشمس بعد، الأطفال يركضون نحو الجبل، كان الجبل يضع قبعته البيضاء ويجلس بهدوء، قالت فستا للجبل من بين الأطفال:
- هلّا أعرتني قبعتك؟
سألها الجبل:
- و ماذا تفعلين بها؟
أجابته فستا:
- أريد أن أسافر إلى غابة الضوء وارغبُ أن أضع قبعتك على رأسي كي لا يراني أحد.
سألها الجبل:
- ثم ماذا؟
أجابت فستا:
- أذهب إلى غرفة الأسرار في غابة الضوء لأجد كتابي هناك.
فكّر الجبل قليلا و قال:
- لكن عندي شرطان: الأول يجب عليك إعادة قبعتي قبل غروب الشمس. والثاني إذا أطلعتي على سرٍ ما عليكِ أن تخبريني به.
خلع الجبل قبعته وأعطاها إلى فستا. لبست فستا القبعة ووضعتها على رأسها وأختفت عن الأعين.
ركبت فستا الريح وعبرت البحار والصحاري حتى وصلت قلعة فيها سبعة أبواب، كان يقف على كل باب حارس. مرت من أمام جميع الحراس ولم يرها أي أحد.
أخرجتْ المفتاح السحري ودخلتْ القلعة. كان في القلعة غابة. وفي الغابة كانت النجوم منثورة على الأرض بدل الرمال. كانت آلاف الطيور تغرد على أغصان الشجر، وآلاف الأنهار تجري تحت الشجيرات. رغبت فستا أن تقطف باقة ورد من تلك الغابة، لكنها خشيت أن تتأخر عن موعدها.
كانت في وسط الغابة بناية، مصنوع آجرها من الشمس والقمر. وعلى بابها مطرقتين (من حديد يستخدمان لطرق الباب) الأولى من (السر) ّ والثانية من (الصوت). وقفت فستا قليلا، وحبست أنفاسها في صدرها وطرقت الباب بهدوء بمطرقة (السرّ)، فُتح الباب، اضطربت فستا قليلاً، كان السجاد في الغرف واسعاً مزّيناً بنقش الورود والأشجار ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
مرّت فستا من الغرف بهدوء ووصلت إلى غرفة على بابها سبعة أقفال. أخرجتْ المفتاح السحري من جيبها وفتحت الأقفال ودخلت الغرفة، وصاحت من شدة فرحها.
كانت تلك الغرفة مليئة بالكتب لكل أطفال العالم. مرت فستا أمام رفوف الكتب تفتش عن كتابها المطلوب. بحثتْ وبحثتْ…، وفجأة رأت كتاباً كبير الحجم في زاوية الغرفة. توجهت نحوه، كُتب على غلافه (كتاب الأسرار)، تصفحت فستا الكتاب، رأت في الصفحة الأولى من الكتاب خارطة تهدي إلى الخلاص من الظلام والوصول إلى برج النور والضوء، أما الصفحة الثانية توضح السفر من القمر إلى كوكب نبتون. و وضعت على الأنهار المخفية علامة النجمة.
تصفحت فستا الكتاب وفي وسطهِ قرأتْ عن أنواع الأمراض وعلاجاتها، ومن أنواع تلك الأمراض مرضاً يسمى (الجهل) وعلاجه، قالت فستا في نفسها:
- مرحى، سأحمل هذا الكتاب معي.
لكن الكتاب كان ثقيلا ولم تستطع تحريكه من مكانه. نظرت من الشباك،… الشمس على وشك المغيب، ويجب عليها العودة قبل ذلك بكل ما قطعته من طريق طويل. الوقت بدأ ينفذ، والجبل ينتظر قبعته التي يجب أن تعود إليه قبل مغيب الشمس. تصفحت الكتاب بسرعة مرة أخرى، وقرأت الصفحة الأخيرة: (الأيام القادمة هي للأطفال و كل من يعلم هذا السر لن يخاف الظلام ثانية).
تركت الكتاب مجبرة وخرجت من تلك الغرفة ورحلت من تلك الغابة، وركبت الريح وعادت.
كان الأطفال ينتظرون على سفح الجبل. سلمت فستا على الجبل، وأعادت القبعة إليه.
قال الجبل ضاحكا:
- حسنٌ يا ابنتي، هل استمتعتي بسفركِ؟ ماذا جلبتي معكِ؟
أجابت فستا بكل سعادة:
- كان كتابا كبيراً جداً، ربما كان بحجمك. كتب فيه الكثير الكثير. أردت أن أحضره معي، لكنني لم أستطع.
سألها الجبل:
- حسنٌ، و ماذا كُتب فيه؟
فكرت فستا قليلاً وقالت:
- (المستقبل للأطفال).
حزن الجبل قليلاً وأطرق برأسه إلى الأرض. الا أنه رفع رأسه بعد برهة من الزمن وقال:
- حسنٌ، كان الماضي للجبل والسهل والبحر، لكن المستقبل للأطفال.
- النهاية