– الجذور التاريخية للأهوار
لقد ارتبطت الاهوار تاريخيا بحضارات البلاد القديمة كحضارة سومر و اُور وغيرها , وحتى ادوات صيد الاسماك كالغالة فإنها منقوشة في مسلات ورسومات تلك الحضارة وتكونت في الاهوار سلطنات وامارات كإمارة عمران بن شاهين , وكانت لهذه الامارة مكانتها الثورية في رفض السلطات الحاكمة قبل وبعد عملية التجفيف ولعل حقد الطغاة على الاهوار وسكانها وحالة الرفض التي كانت تسود الاهواريين هي احدى الأسباب التي ادت الى فنائها وتدميرها . لعل هناك حقيقة بادية لم يغفل عنها الباحثون وهي ان تلك الاهوار او المنخفضات محاطة بأرض ترتفع عنها تدريجيا باتجاهات الشمال الشرقي وشمالها الغربي , وكذلك تلك المنخفضات عن ارض ترتفع من الجنوب الامر الذي حافظ على وجود الاهوار رغم تقادم الزمن .
ان الجذور التاريخية للأهوار لا تحدد بسنة او عقد معين وانما هي تاريخ امم وحضارات عاشت قرونا وسنوات متتالية فوق هذه الارض , ولو كانت مصر تفتخر بالإهرامات وحضارات الفراعنة والرومان بتاريخ الاغريق والفرس بطاق كسرى والصينيون بعظمة سور الصين فإن الفخر لأبناء وادي الرافدين ان يعتزوا ويفاخروا الامم بالأهوار وطبيعتها الساحرة , والكثير من بلدان العالم تعيش الجفاف اما العراق ففيه نهران سماويان وجعلهما الله ليكونا سواقي وروافد خير وبركة الى تلك التربة . ومن المدهش بعد عملية التجفيف عثر على اقداح وصحون وبيوت مندثرة يعود تاريخها الى عدة قرون , وان معظم الأثار هي بقايا الدور السكنية السومرية عثر عليها على اساس تاريخها بعد عملية التجفيف وهذا الشيء انما يدل على قدم هذه الاماكن (1) .
ولقد عثر على الاهالي في التسعينات في منطقة الجزيرة على اشياء ثمينة لتراثيات وتحفيات في تلك المنطقة , واغلب تلك الاثار كانت تباع الى القنصليات الدبلوماسية او تهرب عن طريق سماسرة وتجار الى خارج القطر , كما عثر في اواخر عقد التسعينات على مجموعة من الادوات المنزلية المصنوعة من الفخار والصدف والنحاس ويعود تاريخها الى (400) ق. م , اي يعود تاريخها الى الحقبة السومرية , وهذا الشيء هو خير دليل على ان هذه المنطقة كانت تمثل حياة اخرى لأنسان الرافدين.
ومن يراجع المصادر التاريخية لحياة الانبياء يجدها تتمركز فوق تراب وادي الرافدين وحتى ولادتهم وقبورهم هي خير شاهد على قامة العراق الحضارية الشامخة والتي تعد مهد اقدم حضارة عرفها الانسان , وفي الآونة الاخيرة اصبحت آثار و تراث هذا البلد مهنة اللصوص والمتنفذين واقرباء الجلاد , فحالات التهريب التي كانت تمارسها الحكومة البائدة (جوفة) الاوغاد من امثال ارشد ياسين يبيع تراث هذا البلد وبيع هذا الارث في الاسواق العالمية مقابل حفنة اموال ما هي الا خسارة فادحة لتراث العراق الثقافي والحضاري (2).