التوزيع الجغرافي لأبرز المقومات الدينية والطبيعية في مدينة كربلاء :
تقديـــم :
يتناول هذا المبحث ابرز اماكن العتبات المقدسة التي تتميز بها مدينة كربلاء والتي اكسبتهااهميتها التاريخية والسياحية والدينية ، اضافة الى ابرز الاماكن الطبيعية التي تنتشر في هذه المدينةوالتي يمكن تطويرها لتحتل موقع جذب سياحي متميز في المحافظة بشكل خاص والبلد بشكل عام كما أن ناحية الحسينية وقضـاء الهنديـة تقع شرق مدينة كربلاء ،في حين ان بحيرة الرزازة وقضـاء عين التمر تقع شمال وغرب المدينة ، امـا محافظة النجف فلهاحدود مع المدينة من الجنوب ، في حيـن ان محافظة الانبار لها حدود مع المدينة من الشمالوالغرب ، ومن الشرق محافظة بابل ، كما ويتضح فيها التوزيع الجغرافي لأبرز المقومات الدينيةوالطبيعة التي تتميز بها محافظة كربلاء
1-المقومات الدينية:
اولا … الروضة الحسينية ومرقد الامام الحسين (ع) :
أن أهم ما يميز الروضة الحسينية المطهرة هي سعة الصحن وكثرة الاواوين الجميلة حيث تشغل أبنيتها قطعة مستطيلة الشكل ابعادها (125 × 95م) وتتألف أبنيتها من الضريح وصحن واسع يحيط به تطل عليه من جميع الجهات سلسلة من الغرف والقاعات والاواوين وسور يفصل الروضة وصحنها الواسع عما يجاورها من أسواق وشوارع ودور سكن ، والروضة مبنية بشكل ضخم ومتين بالطابوق والجص ومكسية بأروع التحليات الزخرفية المطلية بالذهب والمرايا والقراميد المزججة والمينا ، وتقوم فوق غرفة القبر قبة مرتفعة ترتكز على (4)دعامات مستطيلة ضخمة طولها (5.3) عرضها 2.5م وترتفع قمة القبة حوالي 27م عن مستوى سطح الارض وهي بصلية الشكل ذات رقبة طويلة تتخللها نوافذ ذات عقود مدببة وقد طليت القبة ورقبتها بالذهب ما عدا نطاق من الآيات القرآنية يتوج الرقبة مكتوبة بلون أبيض على أرضية زرقاء داكنة ، ويحيط غرفة القبر ومن ثلاث مصمم بطريقة اذ يكون القسم الشمالي منه بهيئة مسجد تقام فيه الصلاة جهات رواق عريض نسبيا حيث يتقدمه قبر الشهيد الامام الحسين (ع) ، ويطل القسم الآخر على الصحن ومن الجهات الشرقية والغربية والشمالية اما الجهة الجنوبية فتنفتح غرفها من الخارج على الطارمة الواسعة التي تتقدم هذا القسم من الحضرة ، وللروضة المطهرة أبواب عدة ولكل باب من هذه الابواب طاق معقود بالفسيفساء البديع وأشهر هذه الابواب ، باب القبلة الذي يعرف بباب الذهب نسبة الى ايوانه المنشأهبالذهب والفضة والداخل من باب ايوان الذهب ينتهي به المطاف الى رواق يحيط بالحرم المطهر منالشرق والجنوب ويجد على يساره قبر الشهيد الصحابي حبيب بن مظاهر الاسدي والذي استشهد معالحسين (ع) في واقعة الطف ، وفي الزاوية الشمالية الغربية من قبر الحسين (ع) يوجد قبر السيدابراهيم بن محمد العابد بن الامام موسى الكاظم المعروف بالمجاب وعلى يمين الضريح توجد مقبرة الشهداء والتي تضم (120 ) شهيدا بضمنهم القاسمولهذا الرواق (7 ابواب) تؤدي الى الصحن وهـي ، باب حبيب بن مظاهر الاسدي وباب القبلة وبابصاحب الزمان (عج) وباب علي الاكبر (ع) وباب الكرامة وباب ابراهيم المجاب وباب رأس الحسين(ع) ، اما صحن الحضرة فله (8 ابواب) تؤدي الى الحضرة وهي : باب القبلة وباب علي الاكبر (ع) وبابان يعرفان بباب الكرامة وباب الناصري وباب ابراهيم المجاب وباب رأس الحسين (ع) وباب حبيببن مظاهر الاسدي وتحيط بالايوان الرئيسي للمدخل وعلى مسافة معينة من فتحته الخارجية مئذنتا الحضرةالجميلتيـن وتندمج بشكل قاعدتهما في الجدار الجنوبي وتبرزان من سطح البناء وتظهران بشكلعلى قبةمتناظر على جانبـي القسم الاوسط المرتفع من سقف الطارمة ومتقدمتان بتناظر ايضاالضريح الطاهـر ، اما الجدران الخارجية للروضة فقد زينت بتشكيلات زخرفية رائعة تمثل الذروة فيالجودة والدقة والاتقان وتتألف بصورة عامة من عناصر واشكال بنائية وهندسية وزهرية وكتاباتقرآنيـة ، وان مسـاحة الصحن تبلغ (15000 (م2 وهي المسافة بين الابواب الخارجية والحرم ، امامساحة الرواق يبلـغ (600 (م2 وهي المسافة المحصورة بين ابواب الحـرم والضريح الشريف وتضـم(65 (غرفة اسـتخدمت للدفـن والعلم ، اما مسـاحة الحـرم فيبلـغ (3850 )م2 وتضم الحضـرة المطهـرةفي الداخل(16)ويذهب بعض المؤرخين الى ان المختار بن ابي عبيدة الثقفي هو الذي شيد المشهد الحسيني واسس قرية صغيرة حوله ولقد بقى المشهد معمورا في عهد بني امية وكان له بابان شرقيوغربي يزوره المسلمون(17)
ثانيا: مقام التل الزينبي:
يقع في الجهة الغربية من صحن الامام الحسين (ع) بالقرب من باب الزينبية على المرتفعالمعروف بـ ( تل الزينبي ) ويقال ان هذا التل كان يشرف على مصارع القتلى في حادثة الطف (كانت السيدة زينب (ع) تتفقد حال أخيها الحسين (ع) ، اذ لذلك تبرز اهميته في كونه يمثل احد ابرز الاماكن المقدسة والتي لها اثر كبير في نفوس الزوار الذين يقصدون المدينة لغرض التبرك وقضاءحاجتهم الروحية . (18)
ثالثا … المخيـم :
وهو الموضع الذي قال فيه الامام الحسـين (ع) هذا موضع كرب وبـلاء ، انزلوها هنا محطرحالنـا ومناخ ركابنـا ومقتل رجالنـا ومسفك دمائنـا وهنا محل قبورنـا بهذا حدثني جدي رسـول االلهويقع الى الخلف من الروضة الحسينية المقدسة ، لذلك يحتل اهمية مميزة في نفوس (19) (ص)الزوار لكون ان الامام الحسين (ع) وجميع اهله قد مكثوا في هذا المكان في تلك الواقعة .
رابعا … مرقد سيدنا العباس (ع) :
وهو أول مولود للإمام علي (ع) من زوجته أم البنين (ع) ، ويقع المرقد على ضفاف نهرالعلقمي على بعد (350 م) عن الحسين (ع) الذي اندرس نتيجة العوامل الجغرافية وهذا النهر متفرع من نهر الفرات وهو موضع دفن فيه سيدنا العباس (ع) وعند التأمل في صحن سيدنا العباس (ع) يلاحظ المساحة الكلية للصحن هي (930 م) وان عماراتها الحالية روعة ذات فخامة حيـث الارض المغلفة بالمرمر وكذلك الجدران مكسوة بالمرمر والمرايا بطراز اسلامي ، وان للحرم الشريف (6مداخل) يدخل منها الزوار لأداء مناسـك الزيارة وتحيط بالحرم اربعة اروقة رائعة البناء ومسقفه بالكاشان والمرايا مقطعة الاشكال ومختلفة الحجوم وكذلك تعلو الآيات القرآنية ذات الخط العربـي الكوفـي ، وللصحن الشـريف (9 ابواب) ذات طراز اسـلامي غاية في الجمال والروعة وهي :
1 -باب القبلة : وموقعها في الجهة الجنوبية من الصحن وعرفت بهذا الاسم لوقوعها في جهة القبلة وكان الزوار سابقا يستدلون به للتوجه الى القبلة للصلاة
2 -باب الامام الحسن (ع) : ويقع في غربي الصحن اذ يتجه منه الزوار الى الروضة الحسينية المطهرة عند خروجهم من هذا الباب تكون امامهم الروضة الحسينية .
3 -باب الامام الحسين (ع) : ويقع الى جانب الباب السابق .
4 -باب الامام صاحب الزمان (عج) : ويقع في الجهة الغربية .
5 -باب الامام موسى بن جعفر (ع) : ويقع في الزاوية الغربية من الصحن الشريف
6 -باب الامام محمد الجواد (ع) : ويقع في الجهة الشمالية من الصحن .
7 -باب الامام الهادي (ع) : ويقع في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن .
8 -باب الفرات : ويقع في الجهة الشرقية من الصحن .
9 -باب أمير المؤمنين (ع) : ويقع في الجهة الشرقية من الصحن الشريف. (20)
وتبرز اهمية هذا الموقع في كون ان العباس ابن علي ابن ابي طالب (ع) هو اخ الامام الحسين (ع) وقد قاتل معه في تلك الواقعة حتى استشهد دفاعا عن الدين
(16)العيسى ، علي عباس علي ، مصدر سابق : ص 117)
(17) النويني ، محمد ، اضواء على محافظة كربلاء ، الجزء الاول ، 1971 : ص (40)
18) المصدر نفسة :ص130
19)العيسى ،علي عباس علي ، مصدر سابق : ص130
(20) العيسى ، علي عباس علي ، مصدر سابق : ص 138) .
خامسا … مقام الامام المهدي ( عجل االله فرجه ) :
تقع بناية المقام في نهاية شارع السدرة وعلى مسافة ( 480 م ) شمال الروضة الحسينية المطهرة ( باب السدرة ) وعلى نهر الحسينية المتفرع من نهر الفرات ويمتد البناء الخارجي للمقام بمسافة ( 50م ) وبارتفاع ( 4م ) ومزخرفة بنقوش اسلامية تسر الناظرين اذ اخذت الطابع المتعارفعليه في بناء المراقد الاسلامية الذي يعد الطابوق الازرق المخضر والكاشي المزخرف أهم لبنة فيبنائه ، وفي الركن الآخر هناك بوابة اخرى رديفـة لباب الفرات اذ التصميم والقياسـات تسمى ( باب السلام ) ، ويقام عند هذا المقام اروع كرنفال للطقوس الشعبية في مساء الخامس عشر من شعبان وهي ذكرى ولادة الامام المهدي (ع) حيث يحيون الالاف من الزوار هذه الليلة حتى الصباح. (21)والتي تعرف بـ ( المحية )
سادسا … مرقد الحر بن يزيد الرياحي :
وكان أحد قواد الجيش الاموي الخارج لقتال الامام الحسين (ع) ويبعد مرقده عن مدينة كربلاء بمسافة ( 5 كم ) شمالا انه أعلن توبته بعد الحملة الاولى من اصحاب الحسين (ع) والذي قتل فيها زهاء 50 رجلا(3)لذلك تبرز اهمية هذا المرقد من خلال المكانة الكبيرة التي (3 (يحتلها الحر بن يزيد الرياحي في نفوس الزوار وذلك لكونه قد قاتل حتى استشهد دفاعا عن الامام الحسين (ع) ، لذا فالزوار يقصدونه للتبرك وقضاء الحوائج .
سابعا: مرقد السيد احمد بن هاشم :
وهو السيد شمس الدين احمد الملقب بأحمد بن هاشـم ابن السيد ابو الفائز محمد الذي ينحـدر مـن السـيد ابراهيم المجاب وقد عين ناظرا لمدينة رأس العين عام(786هـ ) ويقع قبره، ضمن المقبرة الاثرية لهذه المدينـة في الزاوية الجنوبيـة الغربيـة لبحر الملح ( بحيرة الرزازة ) وهومزار عـام وعليه عمارة كبيرة وتجاوره قبور لإخوته واخواته ، ( اما سبب تقديسه لانه كان مسـؤول المدينـة ودافع عن مدينة عين التمـر ، قبل العصر العثماني فاصبح وطنيا ، ولذلك أحبـه عين التمر كوطني فقط وليس امام.
ثامنا … مرقد عون بن عبدا الله :
هو عون بن عبدا الله بن جعفر بن أبي طالب ويقع على الطريق المؤدي الى بغداد عبر نهر ويقصده الزوار ًيبعد (11 كم) عن مركز مدينة كربلاء الحسينية مارا بقنطرة الحديبية وعلى مسافة المتوجهين الى المدينة للتبرك به وقضاء حوائجهم .(22)
تاسعا … قطارة الامام علي (ع) :
منطقة صخرية ضمن الحافة اليمنى لبحيرة الرزازة تقول الروايات التاريخية ، ان الامام علي بـن علي طالب (ع) مر بمنطقة عين التمر اثناء توجهه الى صفين هو وعسكره ولما كانت منطقة عين تمر صحراوية ، فقد أصاب العطش عسكر الامام علي (ع) فتوجه (ع) الى ناحية منها ووضعيده على نتوء صخري او كثيب رملي ورفع رأسه الى السماء داعيا ً االله العزيز القدير ان يكلأ عسكره برحمته وينقذه من العطش ، حتى انبجس الماء من تلك الصخرة ، ان هذه الصخرة التي ينبجس منها الماء ترتفع اكثر من (2م) عن منسوب الماء في بحيرة الرزازة القريبة منها عند حالة استقرار الماء عن معدله الاعتيادي ، اما اذا انخفض الماء في الرزازة فتكون نسبة الارتفاع اكثر وهذا دليل على انقطارة الامام علي (ع) لم تكن مياه جوفية ولا علاقة لها بمياه الرزازة ، فهي دائمة التقطير وبوتيرة واحدة ، وفي صحراء رملية قاحلة طيلة ( 1400 سنة ) ، توجد نخلة الى جانبها تستمد روائها منها ويؤمها الناس كثيرون ، ومن مختلف المشارب والمذاهب والاديـان ليقفوا على هذا الاعجـاز الالهي ،فضلا عن تمتعهم به كموقع سياحي ، وان من مميزات هذا الماء المتدفق انه يختلف في اللونوالقوام والمذاق عن ماء الرزازة لان الاخير فيه من الملوحة الشيء الكثير ، فيما لا نجد ذلك في ماء قطارة الامام علي (ع) على الرغم من وقوعها على جرف البحيرة(23)
.
(21) المصدر السابق نفسة : ص 141
(22)العيسى، علي عباس علي، مصدر سابق : ص 113
(23)نفس المصدر ،ص112