مقدمة في اصطلاح التنمية السياحية المستدامة

سمير خليل شْمُطو

تعني التنمية المستدامة المصلحة المشتركة بين سكان كوكب الأرض من حيث العدالة في كل شي مثل الهواء ، والماء  والتربة، واستخدام والموارد الطبيعية ، ومراعاة الجانب الاقتصادي لتنظيم الحياة المعيشية ، وتحقيق الفرص لكافة البشر وعدم التفريق بين أبناء المجتمعات لكي تتحقق حياة اجتماعية مستقرة ، وعلى أن ينظر كل هؤلاء السكان إلى من يخلفهم بنظرة تفاؤلية قائمة على حب الغير، وكل هذا يأتي من خلال عدم الإجهاد البيئي وعدم الإفراط بالموارد بطرق غير عقلانية والعمل على الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية .

لقد ظهر هذا المفهوم بداية في الأدبيات التنموية الدولية في أواسط الثمانينيات تحت تأثير الاهتمامات الجديدة بالحفاظ على البيئة ،واستخدام الموارد بشكل عادل لغرض تحقيق الكفاءة الاقتصادية بين الأجيال  والنهوض بواقع منشود يؤمن العيش الكريم، للأجيال الحاضرة والمستقبلية. ويعدّ موضوع التنمية المستدامة مثالا ً لموضوعات البيئة المهمة، فثمة رأي  يأتي من ناحيتين؛ الأول: ما يعبر عنه إذ إن التنمية المستدامة تعني التنمية الاقتصادية ومستوى معيشي لا يضعف قدرة البيئة في المستقبل على توفير الطعام، وعماد الحياة اللازم للسكان. والثاني: من الصعب أن نتخيل إرجاع جميع أشكال التنمية المستدامة ودلالاتها في حياة المرء المهنية ونمط حياته الشخصي للسعي وراء تحقيق أهدافها. ومعنى ذلك؛ أنه يمكن إعادة كل ما يستخدمه المرء في حياته ثانية، كما هو الحال في إعادة تدوير النفايات، أو الملابس التي يستخدمها، أو مياه الصرف الصحي إلى غير ذلك.

إن أصل مصطلح الاستدامة (Sustainable) يعود إلى علم الإيكولوجيا Ecology))، حيث استخدم هذا المصطلح للتعبير عن تشكل  النظام الديناميكي وتطوره الذي يكون عرضة – نتيجة حيويتها – إلى تغيرات هيكلية تؤدي إلى حدوث تغير في خصائصه وعناصره، وعلاقات هذه العناصر بعضها بالبعض الآخر، وفي المفهوم التنموي استخدم مصطلح الاستدامة للتعبير عن طبيعة العلاقة بين علم الاقتصاد (Economy) وعلم الإيكولوجيا على اعتبار إن العلمين مشتقان من الأصل الإغريقي نفسه، حيث يبدأ كل منهما بالجذر Eco) ) والذي يعني في العربية البيت أو المنزل.

ومن أطار العدالة بين الأجيال أكدت اللجنة العالمية للتنمية والبيئة على هذا المفهوم وعرفت  التنمية المستدامة على أنها: التنمية التي تلبي حاجات الجيل الحاضر من دون المساس بقابلية أجيال المستقبل وحصتها.

إن التنمية المستدامة تتوجه أساسا ً إلى تلبية احتياجات أكثر الشرائح فقرا في المجتمع وتسعى إلى الحد من تفاقم الفقر في العالم ، لأن لها بعد نوعي يتعلق بتطوير الجوانب الروحية والثقافية والإبقاء على الخصائص الحضارية للمجتمعات، إذ لا يمكن في حالة التنمية المستدامة فصل عناصرها وقياس مؤشراتها لشدة تداخل الأبعاد الكمية والنوعية، ولذلك تحقق التنمية المستدامة التوازن بين النظام البيئي، والاقتصادي، والاجتماعي.

وتعمل التنمية السياحية على توفير التسهيلات والخدمات لإشباع حاجات ورغبات السياح وتشمل كذلك بعض التأثيرات الايجابية للسياحة مثل إيجاد فرص عمل جديدة وتطوير القطاع السياحي ، والدعم الاقتصادي وتحسين ميزان المدفوعات. فالتنمية السياحية هي إحدى الوسائل المهمة في تنمية الأقاليم والأماكن ذات الجذب السياحي اقتصادياً واجتماعياً وعمرانياً ولاسيما الأقاليم التي لاتمتلك مقومات اقتصادية فعالة مقارنة بما تمتلكه من المقومات السياحية في حالة التخطيط لتنميتها واستثمارها بصورة عقلانية لغرض رفع المستوى المعيشي لافراد ذلك المجتمع على إن يؤخذ بنظر الاعتبار المحافظة على البيئة من التلوث.

وتعتمد التنمية السياحية المستدامة إلى تحقيق التواصل حتى معناه المادي أو الاقتصادي بأن نعمل على توريث الطاقة الإنتاجية للأجيال القادمة بنفس قوتها أو بقوة أعظم ، بحيث نضمن أن استهلاك الكميات ليوم لا يعوق الكميات المطلوب استهلاكها غدا، ما يتعين معه أن يستجيب استغلال الموارد لمعيار الفاعلية حتى نعظم مساهمة السياحة والترويج في التنمية والرخاء الاقتصادي ، لان السياحة المستدامة لا تروم إنكار مقتضيات التنمية الاقتصادية أو رفضها، وإنما تبغي فقط تعديلا ً في محتواها بإضافة شرط إليها يتمثل في الاستغلال الفعال للموارد المقومة بطريقة تضمن أفضل ظروف حياتية لإفراد الموطن السياحي.

 

وقد عرّفت منظمة السياحة الدولية التنمية المستدامة للسياحة بأنها: تقضي من جهة أولى تلبية الاحتياجات الحالية للسياح وللمناطق المضيفة ،ويستوجب من الجهة الثانية وقاية وتحسين فرص المستقبل، والتنمية تستدعي إدارة شؤون الموارد بطريقة تتيح تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والجمالية مع الحفاظ على كل المميزات الثقافية وملامح البيئة الفطرية وتنوع الإحياء وأنظمة دعم الحياة.