شاطئ شوعب في سقطرى
السّفر إلى سقطرى هو مثل السّفر إلى أحلام السّندباد؛ يحكى أنّ بعض أحداث المغامرة الخامسة من مغامرات السّندباد في ألف ليلة وليلة حدثت في هذه الجزيرة النّائية، عندما حملته العنقاء بمخالبها وطارت به عبر البحار، ليس من الصّعب تصديق ذلك، فسقطرى هي محميّة لعدّة أنواع من النّباتات والحيوانات التي لا تتواجد في أيّ مكان آخر على وجه الكرة الأرضيّة، إلّا على هذه الجزيرة.
وصلت الجزيرة من الشّارقة إلى مطار المكلّا الرّيّان الدّوليّ في اليمن، ثمّ اتّجهت الطّائرة إلى مطار حديبو – حديبو عاصمة سقطرى- هناك قرّرت أن أزور شاطئ شوعب، الذي كنت قد سمعت عن عجائبه من أصدقاء زاروه قبلي، فكان عليّ التّوجّه إلى قلنسية التي تبعد مسافة ساعتين عن حديبو عبر طريق البرّ، ومن هناك استأجرت خدمات مرشد سياحيّ ليأخذني إلى الشّاطئ، وكان عليّ الاختيار بين الذّهاب برًّا أو بحرًا في قارب صيّادين.
مملكة تحت الماء
كم كنت سعيدًا لاختياري البحر، تكلفة الرّحلة التي تستغرق ساعة واحدة هو بين ١٢٠٠٠ إلى ١٨٠٠٠ ريال يمنيّ، حسب عدد الأشخاص في القارب. وهكذا بدأت رحلتي، في مياه سقطرى الشّفّافة اللّازورديّة، في الطّريق أوقف الصّيّاد قاربه: “انظر هناك” قال لي، فوقفت لأرى سمكة كبيرة تقفز وقبل أن التقط أنفاسي لروعة المنظر وإذ بمجموعة كبيرة من الدّلافين تسبح قرب القارب فصرخت: ليست سمكة كبيرة، هذي دلافين، ضحك من كان على القارب من دهشتي الصّبيانيّة وانتظرنا حتى تبتعد الدّلافين لنكمل مشوارنا، كان البحر هادئًا شفّافًا تستطيع أن تلمح مملكة كاملة ملوّنة تحت الماء.
شاطئ شوعب؛ هل أنا في حلم؟
وصلنا أخيرا إلى شاطئ شوعب، ومن أجمل ما رأت عيناي؛ كثبان الرّمل الأبيض النّاعم وسفوح الجبال المليئة بالطّيور والشّواطئ النّظيفة العذراء خالية إلّا من سرطان البحر الملوّن يهرول مسرعًا، والأشجار والنّباتات السّاحلية غريبة المنظر لم أر مثلها، تكاد تكون غير حقيقيّة.
تمدّدت على الرّمال قليلًا لأشعر نبض الجزيرة التي أزالت متاعب حياتي وروتيني اليوميّ وعملي وأصبحت جزءًا منها، أخذني مرشدي السّياحيّ (الذي أصبح صديقي في الرّحلة) إلى ريف مرجان قريب للغطس هناك وكشف كنوز مياه الجزيرة، ثمّ أكملت السّباحة وحدي في بحر يكاد يخلو من الأمواج. إنّها حقًّا الجّنّة، ما زلت لا أصدّق أنّي كنت هناك!
من المهم أن تتذكر جلب ماء الشّرب وواقي الشّمس، وسيقوم مرشدك بتذكيرك بكلّ ما تحتاجه قبل البدء بالرّحلة، وعليك أن تخبر الصّيّاد صاحب القارب بوقت عودتك، ويمكنك شراء السّمك منه إن كان قد توفّق في الصّيد في رحلة العودة إلى قلنسية، واطلب من مرشدك أو من أّيّ مطعم صغير أن يقوم بطهوها لك
لتبقى سقطرى سرًا بيننا 🙂
الشّاطئ الرّائع هو من مغامرات عدّة خضتها في سقطرى، جزيرة الأحلام والعجائب، عليكم أن تزوروها بأنفسكم مع أصدقائكم وأحبابكم، لتمرّوا بتجربة فريدة من نوعها، فغير شطآن الرّمل الأبيض النّاعم، والطّبيعة الخضراء الغنيّة، تتدفّق هناك ينابيع المياه العذبة الملوّنة بألوان الطّيف وتنمو على ضفافها أشجار النّخيل ونباتات لا تتواجد إلّا على الجزيرة، وتستطيع أن تتسلّق الجبال وترى الطّيور والحيوانات، وأن تصل إلى مكان يطلّ على منظر يحبس الأنفاس للجزيرة وتضاريسها.
هيّا قم واحجز إجازتك في جنّة على الأرض، قم بهذا سريعًا قبل أن يعلم الباقون سرّ الجزيرة المكنون ويقومون بإفشائه وتخريب المكان.