نشأة وبدايات التعليم السياحي
يشير جارس (Chris ) وزملاؤه إلى أن تعليم السياحة تطور بطريقة غير مخطط لها حيث ان المصالح المختلفة للمجاميع المختلفة تجعل من الصعوبة بمكان الاشارة بصورة دقيقة لبدايات التعليم السياحي حيث ان هذه المجاميع تنظر نظرة مختلفة لتلك البدايات حيث توجد هناك اربعة اراء :-
1- هناك من يرجع هذه البدايات في التعليم السياحي إلى بدايات القرن الماضي وتحديداً عام 1900 عندما قدمت وتطورت فصولاً دراسية وتدريبية للطباخين والنادلين.
2- هناك اخرون يرون أن تعليم السياحة ولد في الخمسينيات من القرن الماضي عندما ظهر التعليم والتدريب لموظفين كوكلاء للتذاكر في وكالات السفر.
3- هناك من يدعي أن دراسة السياحة نشأت في الستينيات من القرن الماضي عندما ابتدأ بدراسة السياحة كفرع مستقل لاعتبارات تتعلق بادارة الفنادق.
4- الجغرافيون قدموا وجهة نظر بديلة لكل ذلك عندما ادعوا وربما بصورة منطقية بأن موضوعاتهم كانت دائماً ومنذ العشرينات من القرن الماضي تتضمن دراسة موضوعات في السياحة كموضوع اكاديمي.
ومن وجهة نظر الباحث ان الاختلاف في الاراء لبدايات التعليم السياحي ليس مهماً بقدر أهمية القناعة بأن السياحة وتعليمها هي شيئ جديد دخل بقوة إلى نظم التعليم مع اننا قد نرجح أن البدايات الحقيقية كانت في اعقاب الحرب العالمية الثانية ويؤيد ذلك مايراه الكاتب(ايريAiry) الذي اشار إلى ان تنامي ظاهرة السياحة في اعقاب الحرب العالمية الثانية بسبب التوسع الكبير الذي شهدته
المنظمات والشركات السياحية على مستوى العالم كشركات النقل الجوي الكبرى والسلاسل الفندقية العملاقة وادراك هذه المنظمات للتوسع الكبيرالذي طرأ على حاجات السائحين وشعورها بضرورة مقابلة هذه الاحتياجات وهذا النمو المجتمع والواسع في منظمات السياحة وفي حاجات السائحين ادى إلى حث المؤسسات التعليمية لمقابلة الطلب على فرص التوظيف التي تخلقها السياحة بموظفين قادرين على العمل، فضلا عن ان مستوى النمو السياحي المتزايد باستمرار قد ولد عرض عمل معقد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والمشكلات البيئية وهذه التحديات في عرض العمل قدمت للسياحة اضافة مكتملة النضج وفائدة مستدامة للمؤسسات التعليمية في السياحة وخاصة ذات التعليم العالي فيها مما يؤكد أن الاهتمام الحقيقي بالتعليم كان بسبب هذا النمو المتسارع. على ان ذلك لاينفي ان القطاعات المهنية لتجارة السياحة والسفر قد طورت بشكل مبكر فصولاً كانت تقدم تدريباً للمهارات بشكل محدد وكانت هذه الفصول الدراسية قد صممت لتلبي هكذا مسائل حيث يمكن القول ان المدرسة الفندقية التابعة لجمعية الفندقيين بلوزان في سويسرا التي انشأت عام 1893 هي من اقدم المدارس الفندقية في العالم
لقد تطورت الفصول الدراسية في السياحة والضيافة كوسيلة لتغذية دراسات الاعمال باعطائها توجيهاً مهنياً وفي هذا السياق عوملت السياحة كصناعة مفيدة، وان دراستها كما يبدو قد تطورت نتيجة التأثيرات الكبيرة لانظمة دراسية تقليدية أُخرى مثل الجغرافية والاجتماع واللغات ومن المنطقي كما يشير جارس (Chiaris) وزملائه أن هذه التأثيرات قد جعلت الفصول الدراسية في السياحة تحدد بثلاثة أنواع([4])
1- النوع الاول : الفصول التي ترتبط بالتدريب المهني للسياحة Vocational Training for Tourism حيث ترتبط هذه الفصول الدراسية بالشخص المهني والذي يتم تهيئة الطلبة بشكل مباشر لوظيفة ضمن صناعة السياحة ومن المؤكد ان هذا النوع فيه تدريب سياحي بدلاً من القول انه فيه تعليم سياحي.
2- النوع الثاني : الفصول التي ترتبط بدراسة السياحة بشكل حقيقي من خلال النظرة اليها كنشاط جدير بالاحترام بحد ذاته (Tourism as an activity worthy of study in its own right) وتستحق الدراسة بحكم حقوقها الخاصة وهذه الفصول عموماً هي الأكثر حداثة في محفظة السياحة وعددها يبدو متزايداً بسرعة كبيرة.
3- النوع الثالث : الفصول الدراسية التي تستعمل السياحة كمثال او توظيف (Tourism as an Application ) ينمي ويثري انظمة دراسية تقليدية أُخرى والسياحة في هذا السياق ترى كوسيلة لغايات (Means to end ) أُخرى وطلبة هذه الفصول يرون اشتغالهم في صناعة السياحة ليس أمراً ضرورياً.
ويرى الباحث ان التطور والنمو في الفصول الدراسية وأنواعها يفضي إلى نتيجة اساسية تظهر وجود مستويين رئيسين من التعليم السياحي الاول هو مستوى كلي (macare Level ) والذي تظهر بوضوح اثاره في سوق العمل السياحي الذي هو ببساطة ليس واسعاً بما فيه الكفاية لامتصاص العدد الهائل من رغبات الداخلين فيه من هذا المستوى والآخر مستوى جزئي (Micro level) والذي يبدو ذا مغزى وأهمية للطلبة كأفراد داخلين في الصناعة لما ينجم عنه من مسار مهني وسنتناول ايجابيات وسلبيات هذه الفصول في مكان اخر من هذه الدراسة.
ان السياحة تتسم بالتعقيد وتعدد الاوجه إلى درجة كبيرة الامر الذي يدعو إلى ان يكون لدينا عدد من المداخل لدراستها وكل مدخل يتجه إلى عمل او هدف مختلف
اشتقت مواد الاقتصاد السياحي والاجتماع السياحي وعلم النفس والجغرافية السياحية وادارة الترويح والسياحة الريفية والتخطيط السياحي وادارة المنظمات السياحية ومبادئ دراسة النقل وحتى التعليم السياحي وادارة الفنادق والضيافة والتشريع السياحي
ونعتقد أن المواد الدراسية في السياحة المشتقة من العلوم الأُخرى دفعت بالباحثين إلى الكثير من الجدل فيما يمكن ان نطلقه على السياحة فهل هي علم او معرفة أو مهنة او ادارة للسياحة او ادارة للفنادق بغض النظر عن هذا الجدال فاننا نستطيع ان نحدد انها معرفة جديدة اكاديمية تكونت سماتها في اوقات متأخرة من القرن الماضي ولاجدال في أن هذه المعرفة هي معرفة هجينة تطرح بشكل منظم وتعالج الواقع من خلال اعادة الدمج والتركيب مابين المعرفة المنتجة في الحقول الأُخرى وستتعرض لذلك في الفصل القادم عند بيان طبيعة التكامل المعرفي في مناهج السياحة