جبال “هوانغشان”.. لوحة فنية فريدة في الغابات الصينية
وتستمر آسرة لألباب فنانى الصين, فتتربع بإمتياز على عرش أيقوناتهم الفنية, فيشتهرون بها وتعرف بهم, فجمالها الإلهى وتفردها الأخاذ جعلها بحق أنموذج لملكية الجمال, وألوهية الصنعة, ما أهلها لتسود وتكتسح فكرة الفن وجوهر الإبداع, حتى ألهمت فى عصر السينما الحديثة صانعى الأفلام الخالدة, فصورها “جيمس كاميرون” كجبال طافية فوق السحاب فى فيلمه الشهير أفاتار.
من لم يزر هوانجشيشتزاى فهو فى الحقيقة لم يأت من الأصل إلى تشانجياجى
إنها جبال هوانغشان, الواقعة فى محمية غابات تشانجياجى بالصين, والتى تعد واحدة من تلك الأماكن التى تسلب اللب وتهيمن على النفس, بما تملكه من جبال سامقات تصر إلا أن تنمو لأعلى فى كبرياء, كأعمدة رفيعة ضخمة مثل سيوف تعانق السحاب, وكأنها لبلابات من الحجر تضرب فى الأرض الجذور وترسل للسماوات الجذع والفروع, ما يجعل اختيار الموقع كأول محمية طبيعية فى الصين من الواقعية بمكان .
وتنسب جبال هوانغشان والتي تعد الجزء الأهم فى محمية تشانجياجى الفريدة, إلى قرية صغيرة تقع على إرتفاع 800 متر فوق قاعدة الجبال , والتى تحوطها المنحدرات الصخرية، والأشجار المرتفعة, والأكمات الخضراء التى تتدلى فروعها من بين حصوات الصخور فى تضاد بديع يظهر جلال الجبال ورونق الخضرة, ما دفع السكان المحليين إلى تقرير أن من لم يزر هوانغشان فهو فى الحقيقة لم يأت من الأصل إلى تشانجياجى.
ويتطلب الوصول إلى الموقع ثلاث ساعات من التريض البطئ الممتع , لكن معظم من يزورون المكان اليوم يفضلون رحلة التلفريك التى لا تتطلب إلا خمسة دقائق, والتى رغم كونها أقل متعة, إلا أنها أخف وطأة على عضلات القدمين
تضم سلسلة جبال هوانجشان الكثير من القمم التى يصل إرتفاع البعض منها إلى أكثر من ألف متر, بينما تعتبر ثلاثة منها هى الأكثر شهرة والأعلى إرتفاعاً وهى على التوالى لوتس بيك ويصل إرتفاعها إلى 1864 متراً، وقمة برايت سوميت 1840 متراً, والقمة السماوية التى يصل إرتفاعها إلى 1829 متراً.
وتعد جبال هوانجشان الجزء الأهم فى محمية تشانجياجى الفريدة
ويزيد عمر بعض الأشجار بها على المئة عام , ويحمل البعض منها والذى يبلغ عمرها تقديرياُ ألف سنة أو اكثر أسماءاً أطلقها عليها السكان المحليون، وأكثرها من أشجار الصنوبر المعمرة مثل شجرة يطلق عليها “ينج كى باين” أو المرحبة بالضيوف والتى يعتقد ان عمرها يتجاوز 1500 عام، ولك أن تعلم أن هوانغشان تتزين فى أعلاها بممر صخرى يمتد لثلاثة كيلومترات والذى يدور فى حنو حول القمة, طارحاً نفسة فى آلاف من صور المناظر الطبيعية البديعة, فضلاً عن بعض من أشد مرتفعات هوانغشان ارتفاعاً وإثارة للخوف.
إلا أن هذا الجمال الأخاذ قد يقطع ديمومته والإرتشاف من بديع صنعه إنتشار الضباب بسبب الرطوبة الشديدة , وهى شئ شائع فى تشانجياجى ومرتفعاتها, حيث تتراوح درجات الحرارة فى المناخ شبه المدارى بين 10 و18 درجة خلال العام, وتساهم السحب والرطوبة, ورذاذ المطر الخفيف فى شيوع الضباب, ما يساعد على نمو الأشجار , والشجيرات والأكمات من بين شرخات الصخور, وعلى السطوح الصخرية الضيقة فى صورة فنية شديدة الاتقان.