الشركات العائلية
سمير خليل شْمُطو
تُعرف الشركات العائلية انها تؤمن لأفراد العائلة فرصاً للعمل، تطوراً وظيفياً سريعاً ومناصب إدارية عالية، فضلاً عن الدخل العالي والمعيشة المرفهة. وتجبر بعضها أفراد العائلة على الانضمام للعمل في الشركة، ولو لم تتوافر لديهم الرغبة بذلك، أملاً في تأمين مستوى معيشي ومركز اجتماعي لائق لهم.
الشركة والعائلة نظامين مختلفين تماماً ولهما أهدافٌ مختلفة. فهدف العائلة هو العناية بأفرادها ودعمهم وتطويرهم، في حين أن هدف الشركة هو تقديم المنتجات أو الخدمات بربح. ويخضع كل من هذين النظامين المختلفين لقواعد مختلفة وسلوكيات محددة، فضلاً عن أهدافٍ وطرق تواصل معينة. وعندما يختلط هذين النظامين مع بعضهما البعض، فإن ذلك يؤدي إلى نشوء الفوضى والإحباط في الشركة العائلية. فما يصلح لنظام العائلة يتناقض في كثيرٍ من الأحيان مع القواعد التي يجب تطبيقها في الشركة، وهو ما يؤدي كثيراً إلى معاناة الشركة العائلية وقصور أدائها.
وبسبب عدم وعي العديد من الشركات العائلية بالاختلاف الموجود بين هذين النظامين وبالتفرقة التي يجب أن تتوضح بينهما، فإن ذلك يؤدي على الغالب إلى انقضاء العديد من الشركات العائلية مع مرور الزمن، وخاصةً عند انتقال ملكيتها وإدارتها من جيلٍ إلى آخر. أما الشركات العائلية التي تحسن التفرقة بين النظامين وتعي لخطورة الخلط بين العمل في الشركة وبين العلاقات العائلية ، فإنها تنجح في كثيرٍ من الأحيان في ضمان الاستمرار والانتقال عبر الأجيال.
وكمثال : تشير الإحصاءات إن أكبر تمركز للشركات العائلية في العالم هو في منطقة الخليج، وتشكل الخط الثاني في الاستثمارات بعد الحكومة في الخليج. وتقول الإحصاءات ذاتها إن 5 % فقط من هذه الشركات تستمر إلى الجيل الثالث من العائلة، أي إذا أخذنا بهذه الإحصاءات على معناها النسبي فإن هذه النسبة تدل على أن 95% من هذه الشركات ستفشل وتتلاشى من على سطح السوق المرئي والملموس وتذهب إلى العدم، ومعها 70% من نسبة القوة العاملة ، وآمال اقتصاد لن يستمر نموه من دون هذا الكم الكبير من الشركات. وإذا أخذنا بهذه النسبة وصدّقنا بها في الوقت ذاته الذي تقول فيه الإحصاءات إن 90% من الشركات السعودية تملكها عائلات ، لذا وبلا شك ستكون الموارد البشرية أمام تحدٍ حقيقي تقل فيه الخيارات.
وفي سوريا أن 30٪ فقط من الشركات العائلية تستمر للجيل الثاني و10٪ منها فقط تستمر للجيل الثالث، مما يعني أن الاقتصاد كله في خطر نتيجة انهيار مثل هذه الشركات. ومن هنا ظهرت الضرورة لإيجاد طرق وأساليب تضمن استمراريتها وانتقالها من جيل إلى جيل ، فهذه المسألة لاترتبط بمؤسسيها ومالكيها فحسب بل هي قضية اقتصادية وطنية عامة.
إن اختيار وإعداد الأجيال القادمة في الشركات العائلية هو التحدي الأهم والأصعب والأكثر تعقيداً وحساسية على المؤسس الذي ستكون أعماله وتجاربه وتاريخه بل وذمته المالية وإبراؤها متعلقة بحسن الإعداد لهذا التحدي الذي يجب ألا يخسره لأن خسارته تعني تفكك العائلة وأعمالها ونجاحه فيها يضمن استمرار الأعمال وتعزيز هوية العائلة وإرثها وقيمها الاجتماعية ورفاهيتها للأجيال القادمة.
ومن مزايا الشركات العائلية: قدرة اكبر، مرونة في التصرف المالي والاداري ، سرعة اتخاذ القرار، التحرر من الشكليات واللوائح والاجراءات الروتنية ، الاخلاص للشركة وبذل جميع الجهود لتطوير الشركة .
ان 200 شركة من اصل اكبر 500 شركة في العالم هي شركات عائلية، مما يظهر حجم التاثير القوي للشركات العائلية في الاقصاد العالمي بكافة دول العالم وهذا يتطلب دعم هذا النوع من الشركات وتوفير سبل تعزيز قوته وتطوير بما يلائم المستجدات والتحديات الاقتصادية العالمية.