رسل زياد راهي
إشــــــراف
أ. م.د مسلم محسن عبود السوداني
الأدلة الحديثية على جواز السياحة
هنالك عدد من الأحاديث والمرويات التي تناهت إلينا عن النبي الأكرم وأهل بيته تبيح السياحة والسفر، منها:
1- قال صلى الله عليه واله : (من اراد ان ينظر الى ادم في علمه والى نوح في فهمه وابراهيم في خلقه وموسى في مناجاته وعيسى في سياحته وايوب في صبره ببلائه فلينظر الى هذا الرجل المقبل) أي الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ([1]).
وجه الدلالة على الاباحة والندب واضح، لا يقال لعلها ظاهرة في العبادة لأنه يقال: هي ظاهرة ايضاً في التنقل في الارض كما المسيح على نبينا واله وعليه السلام وقد تقدم بيان ذلك.
2- قال امير المؤمنين علي عليه السلام في جواب اليهودي الذي قال: فان عيسى يزعمون انه كان سياحاً (أي له فضيلة السياحة)، قال: لقد كان كذلك، ومحمد كان سياحته في الجهاد([2]).
وفيه ظهور ان السياحة ممدوحة لامتداح عيسى والرسول محمد صلى الله عليه وآله وعليه بها.
3- قال المعلّى بن خنيس: (قلت لابي عبد الله عليه السلام يوماً: جعلت فداك، ذكرت ال فلان وماهم فيه من النعيم، فقلت: لو كان هذا اليكم لعشنا معكم فقال: هيهات يا معلّى اما والله لو كان ذاك ما كان الا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن واكل الجشب، فزوي ذلك عنا، فهل رأيت ظلامة قط صيرها الله نعمة الا هذه)([3])، وانما اضافها (السياحة) الى النهار لان الذهاب الى الجهاد والجماعة و نحوهما الحركة في الارض لإجراء الاحكام على الخلق (وسائر القصود الصالحات) ونحوه يقع في النهار غالباً، وحمل سياحته عليه السلام على الصوم بعيد في هذا المقام اذ لا مدخل لكثرة النعمة فيه الا ان يكون المراد زجر النفس عنها، وهذا الحمل مع قلته منقول عن الشرع، حيث اعتبر الامام عليه السلام السياحة في النهار (بمعنى الصوم) لأجل الرعية نعمة لان فيها زجر للنفس عن الهوى. الا ان المراد واضح في الندب الى السياحة.
4- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (سيروا سير اضعفكم) لبيان شكل وهيئة المسافر والسائر للقصود الشرعية في الأرض([4]). وهو يشمل السياحة.
5- وجاء في الحديث القدسي: ((يا عيسى انت المسيح بأمري))([5]) ، لأنه سائح في الارض للعبادة وهداية الناس وعمل الصالحات.
6- قال الامام الصادق عليه السلام : (لجاهل سخي افضل من سائح بخيل).
أي جاهل كريم افضل (بالتقابل) من عالم بخيل تعلم من سياحته وتجاربه او عابد سائح في عبادته ولكنه بخيل لا يجود بالمكرمات.
7- قال سلمان بن غانم: سألني ابو عبد الله عليه السلام : كيف تركت الشيعة فقلت: تركت الحاجة والبلاء اسرع اليهم من الميزاب السريع في ماء المطر، فقال: الله المستعان، ثم قال: ايسرك الامر الذي انت عليه ام مائة الف، قلت: لا والله ولا جبال تهامة ذهباً([6])، فقال من اغنى منك ومن اصحابك ما على احدكم ولو ساح في الارض يأكل من ورق الشجر ونبت الارض حتى يأتيه الموت([7]).
ودلالة جواز السياحة وندبها حتى في اصعب الحالات المادية مع الحفاظ على طلب العلم وهجران الباطل واضح في منطوق الحديث الشريف. ولو لم يكن فيها الا الترويح عن النفس لكانت مستحبة كثيراً ايضاً لكونها احد مصاديق الساعة الرابعة الواردة في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وآله : ((… وساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يلقى فيها اخوانه الذين يناجي، الذين ينصحونه في نفسه ويخبرونه بعيوبه وساعة يخلو بين نفسه وبين ربها فيما يحل ويجمل فان في هذه الساعة عوناً على هذه الساعات))([8]).
[1] ) معلوف، لويس، المنجد في اللغة، (ت:1365هـ)، قم المقدسة، (صورة عن الطبعة 35) دار العلم بيروت، نشر بلاغت، 1373هـ. ش.
[2] ) الطبرسي ، الاحتجاج ج1 ص334.
[3] ) المازندراني ، شرح اصول الكافي ، ج7 ص43.
[4] ) الميرزا النوري ، مستدرك الوسائل ، ج8 ص240.
[5] ) المازندراني ، شرح اصول الكافي ، ج20 ص187.
[6] ) تهامة: مكة شرفها الله تعالى الفيروز ابادي ، القاموس المحيط ، ص1400.
[7] ) علي الطبرسي ، مشكاة الانوار ، ص505.
[8] ) المتقى الهندي ، كنز العمال ج5381 ، الري شهري ، ميزان الحكمة ج 2 ص 1111 الصدوق ، الخصال ، ص525 فيها اضافة (واستجمام للقلوب وتفريغ لها).