التطور التاريخي لمهنة الإرشاد السياحي
الإرشاد له جذور سامية وكما لوحظ سابقة أن فكرة وممارسة الإرشاد قد تم ترسيخها في مهام فيه المنتزهات القومية بالولايات المتحدة وقد اعتقد مبتكروها بوجود اماكن معينة تتميز بالروعة لكي تجبر هذا الجيل بالمحافظة عليها وذلك لمتعة الأجيال اللاحقة. أن هدف الإرشاد لا يقتصر فقط على عرض المعلومات ولكنه أيضا يتطلب نقل أو توصيل الإحساس بروعة المكان, والتنويه عن راته والتأثير الفعال على الزائرين وأخيرا إقناعهم بضرورة المحافظة على أراضي المتنزهات. وقد اصبحت العبارة المقتبسة لهذا الفصل هي الشعار الغير الرسمي للإرشاد : ” من خلال الشرح ياتي الفهم ومن خلال الفهم يأتي التقدير, ومن خ لال التقدير تأتي الحماية والأمان”
إن كلمة إرشاد قد ظهرت تدريجية لتحل محل مصطلح تعلیم وذلك لتجنب غمر السائح بكم كبير من المعلومات التي يمكن أن تكون صحيحة ولكنها قد تصيبه بالملل, ولكن الإرشاد أيضا يبدو أنه مصطلح أفضل للتعبير عن الوظيفة التي تتعامل مع موضوعات غير معروفة لكثير من الناس – الجيولوجيا (علم طبقات الأرض), الأحياء (علم النبات) … هو على الأرجح أقرب ما يكون إلى تعليم لغة جديدة وترجمة هذه اللغة التي تقترح مقترح الإرشاد(1).
ولكثرة ماتشير اليه الوثائق المدونة – الواح الطين وصحائف البردي والمجسمات والمنحوتات وماتضعه من اهمية للصيد كوسيلة لإظهار القوة الشخصية وكوسيلة للترويج والتسلية فإن من مارسها من الملوك والاباطرة لا بد انه استعان (بالأدلاء) وا (المتتبعين) ليس فقط لدلالة الطريق والسير والاتجاه. وليس فقط لضمان الأمن والسلامة بل كذلك لتأشير المناطق الوفيرة بصيدها والغنية بالمغامرة والقادرة على توفير الفسحة والتسلية لقاصديها(2) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- خالد مقابلة: فن الدلالة السياحية, ص 43.
- ندي الروابدة: مدخل إلى الارشاد السياحي ص ۱۱.
مما تقدم يتضح أن الإرشاد ليس من نتاجات عصرنا هذا , ولا هو من إفرازات حضارة وثقافية ومدنية مجتمعاتنا المعاصرة, بل العكس, فمن معناه الذي قدم في مقدمة هذا الفصل, يبدو انه عمل ونشاط التي ظهرت الحاجة إليه وبانت بدايات أهميته يوم ظهرت حاجة الإنسان إلى الترحال – أي منذ ترك في لسان القديم الكهوف والمغاور نحو الأراضي المتموجة والسهول. انه حاجة إنسانية تبلورت مع الدجين الإنسان للحيوانات الأليفة الأولى وسعيه إلى الوصول إلى ما تحتاجه من العلف والكلأ والمرعى. وتوسعت هذه الحاجة حينما تزايد عدد المستقرين من الناس في منطقة واحدة بحيث أصبح موارد منطقة الاستقرار غير كافية لهم, ولا بد للبعض من ترك المنطقة والبحث عن منطقة أخرى قادرة على تلبية المستلزمات الأساسية للحياة مهما كانت بدائية وبسيطة له ولمن يقوم بإعالتهم ورعايتهم وقيادتهم.
والحاجة إلى الإرشاد والدلالة وتعين الطريق ومعاينته وتفحصه وكشف مسالکه, لابد أنها ظهرت مع بداية حاجة الإنسان إلى الترحال والسفر للافتراق عن مجتمعات أصبحت غير مقبولة أو طاردة لسبب او أخر بسبب النزاعات والحروب والمنافسات أو لمجرد التغير والابتعاد عن المعتاد وبهدف المغامرة ولحسب المخاطرة(1) .
لقد تطور مفهوم الإرشاد وصورة المرشد والدليل, كما تطورت معظم السمات الإنسانية والنشاطات البشرية عبر مراحل التطور التاريخي – الاجتماعي للإنسان من بداية استقراره في الجبال والكهوف والمغاور إلى أن وصل إلى المدن والمستوطنات البشرية الكبيرة, عبر سلسلة طويلة ومعقدة من الحلقات والمحطات والمراحل التطورية المتداخلة مع بعضها غالبأ والمنفصلة عن بعضها نادرة. إن هذه المراحل رغم وجودها الأكيد لا تعني بالضرورة قدرتنا على رابط تطوير الإرشاد والدلالة معها وحصر التطور في كل مرحلة وحقبة وذلك لان المورثات الدولة في هذا الموضوع هي في الغالب نادرة وكثيرا ما تكون معدومة(2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- مثنى الحوري: الإرشاد السياحي, طا دار الوراق للنشر والتوزيع, عمان, ۲۰۰۲ ص (۸۳-۸۹).
- مصدر سابق, ص۸۷.
قد يكون الإنسان القديم. وبعد مغادرة الجبال وكهوفها ومغاورها, وبعد دجن بعضا من الحيوانات وطيور وقته, وبسبب حاجته إلى الماء والمرعى, أكثر من غيره من سكان الأرض حاجة إلى الحركة والنقل والترحال. وهو كذلك من الممكن أن يكون أكثر حاجة إلى وجود من يدله ويرشده في ترحاله لانه كان يتحرك في ارض لا معرفة له بها ولا تجربة له معها – وقد يكون لم يسبقه أحد عليها فكان إنسان ذلك الوقت الأحوج إلى التنقل والترحال والأحوج إلى وجود مرشد ومستكشف. وكان بحاجة إلى ( متتبع أثر ) حاذق, لكي يرشده إلى مناطق الصيد الغنية بالحيوان والشواطئ الوفيرة السمك والبوادي والغابات المشعشعة بالطير. كان يحتاج
(( الدليل)) ليعرف طريق ترحاله ووجهة سيره ليضمن سلامته وأمنه وغذائه.
وفي مراحل لاحقة من تطور البشر وعند ظهور الحضارات الأولى على أثر استقرار الإنسان في وادي الرافدين ووادي النيل وغيرها من وديان المياه والأرض الخصبة. ظهرت حاجة جديدة إلى ((الكشاف)) أو ((المرشد)) و ((المتتبع)) لإرشاد الجيوش الزاحفة والمجاميع المرتحلة من مستوطنة إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى ومن دويلة إلى أخرى, ومن ثم من دولة إلى أخرى(1).
وربط البعض بین انتشار الطلب على المرشدين السياحيين وبين تطور الحركة السياحية وتوزيع الطلب السياحي العالمي. فالنمو في الطلب السياحي يعكس نموا في الطلب على المرشدين السياحيين, لكن بالمقابل نجد ان هناك طلبا حادا على المرشدين في الوجهات التي تكثر فيها العوالق والتحديات كالصين ولعض الدول التي تعاني مشاكل سياسية أو اجتماعية أو أمنية. علاوة على أن الوجهات الغريبة وغير المألوفة عادة ما تتطلب تواجدأ للمرشد برفقة السياح(2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- مثنى ألحوري: الإرشاد السياحي, ص۸۸.
- زياد الرواضية: الإرشاد السياحي وادارة المجموعات السياحية ص25 .