كوابيس الامتحانات وخفقان القلب

خفقان  في القلب  وتوتر وارتجاف وشعور بالقشعريرة أو بنوبات من التعرق البارد وانقباض في المعدة وأحياناً شعور بالدوار والغثيان  والصداع وفقدان الشهية وصعوبة في الانتباه والتركيز وشعور بالفراغ وصعوبة في التذكر وحركات غير إرادية كفرقعة الأصابع وحك الرأس أو هز الرجلين أو الطرق بالقلم على الطاولة أو المقعد …..  وأعراض أخرى كثيرة

من منا لم يعرف هذا النوع من المشاعر ولو مرة في حياته ، سواء في المدرسة أم في اختبارات الدخول للجامعة أم اختبار الحصول على رخصة قيادة أو في أثناء مقابلة نعتبرها مهمة بالنسبة لنا شخصياً؟

إنه القلق ( أو الخوف )  الذي وصفه الشاعر الألماني شيللر   بأنه ” ذلك الكف العميق للشعور بالحياة ” الذي  يرافقنا منذ الطفولة الباكرة  أو حتى منذ لحظة الولادة كما يرى بعض المحللين النفسيين إلى نهاية الحياة. وللقلق وظائف ومظاهر عدة و يقوم  بإحداث مستوى محدد من التنشيط الذي يهدف إلى الحفاظ على الحياة والتغلب على مهماتها الصعبة كتجنب المخاطر أو  النجاح في الامتحان ، غير أنه في أشكاله المرضية  غالباً ما يجعل الإنسان المعني عاجزاً عن التصرف لأنه يشل الجهاز النفسي وذلك عندما يتم تقييم التهديد الفعلي أو المتخيل بشكل مبالغ فيه.

وتشغل  دراسة القلق وطرق التخفيف من آثاره ( وليس القضاء عليه نهائياً ) ميادين العلوم النفسية كافة وعلم النفس الإكلينيكي بشكل خاص لماله من آثار وخيمة في أشكاله المتطرفة وخصوصاً على الأشخاص الذين يتعرضون أكثر من غيرهم في مجرى حياتهم لمواقف مثيرة للقلق وخصوصاً تلك المواقف التي ترتبط بالتغلب على مهمات معينة ويرتبط بنتائجها تغيير مجرى حياة الإنسان. والطلاب إحدى الفئات التي يكثر تعرضها للقلق ( أو الخوف ) أكثر من غيرها  لأنه عليهم في مجرى حياتهم المرور بكم هائل من الامتحانات  قلما تمر فيه فئة أخرى.  هذا بالإضافة إلى القلق والإرهاق الذي يتعرضون له نتيجة طبيعة النظام التربوي بحد ذاته  الذي يلقي أهمية كبيرة على الدرجات العالية والإنجاز المرتفع من أجل الالتحاق بالدراسة المرغوبة، ناهيك عن الضغوطات التي يمارسها الأهل على الطالب وتوقعاتهم وآمالهم غير المنطقية في كثير من الأحيان و التي يعقدونها على الحصول على نتائج عالية في الامتحانات والتي تعكس في كثير من الأحيان رغبات لاشعورية في أن يعوض الابن أو الابنة التوقعات الخائبة التي لم يستطع الأب أو الأم  تحقيقها، وأحياناً مخاوف منطقية في عالم لا يرحم، أصبحت المنافسة فيه القانون المسيطر والحصول فيه على مهنة جيدة ، حتى وإن كانت إمكانات الإنسان عالية ، ضرب من ضروب الحظ والصدفة.

وقلق الامتحان في شكله الطبيعي شر لابد منه، وهو يحفز الطالب لمزيد من الدراسة ويحشد القوى النفسية والذهنية للتركيز على الخطر ( الامتحان ) من أجل التحضير له و مواجهته  بفاعلية وتحقيق النتيجة المرغوبة أو الخروج بأقل قدر ممكن من الخسائر. ولكن ككل شيء في الطبيعة، إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده فإن هذا الخوف أو القلق يمكن أن يتحول إلى كارثة إذا ما كان الطالب جاهلاً بكيفية عمل الخوف وبتقنيات مواجهته وإبقاءه ضمن نطاق السيطرة.