الاقتصاد السياحي في اثار بابل
فنون الدولة البابلية الحديثة (626 – 539 ق.م) افرزت ابداع الفنان ولاسيما النحات البابلي في انجاز نحت الحيوانات وبأسلوب النحت البارز وبالطابوق المقولب سواء المزجج منه، كما هو الحال المنفذة على جدران بوابة عشتار في مدينة بابل او غير المزجج كتلك الحيوانات التي تزين شارع الموكب، وهذه الحيوانات (الثور، الاسد، التنين)، تعد جزءاً لا يتجزأ من الجدار إذ ان كل طابوقة من الطابوق المكون لهذه الحيوانات تدخل في صلب تكوين الجدار. ان تنفيذ هذه الجداريات بوساطة الطابوق المقولب المزجج وغير المزجج المكون من الحيوانات الثلاثة يُعد من الاستعمالات الفنية المعمارية الاساسية في تزيين جدران المباني المهمة في بابل، التي تعود الى زمن البناء الواسع لمدينة بابل في عهد الملك نبوخذ نصر الثاني (605-562 ق.م). ومن المهم ذكره، ان استعمال التزينات الاجرية البارزة، بلا شك طريقة بابلية، ظهر على يد فنانو العراق القديم ولاسيما في العهد الكاشي (1595 – 116 ق.م) ([1]).
يبدو ان مهارة النحات البابلي ولاسيما النحت البارز الذي يعالج الاجسام بشيء من التجسيم ([2])، ترك انطباعاً لدى الباحثين والآثاريين بان نحات العصر البابلي الحديث لم يمارس النحت المجسم كما مارسه سلفه نحات العصر الاشوري (2000 – 612 ق.م) في تزيين المداخل والجدران للأبنية الاشورية، هذا الانطباع اثر على عائديه “اسد بابل” لبابل الحديثة.
ان معظم كتابات الباحثين لم تتطرق الى فن النحت المجسم للعصر البابلي الحديث فضلا عن اعتقادهم ان عائديه “اسد بابل” الى الحثيين، وهذا زاد الامر غموضاً وتجني بحق نحاتي بابل.
يقع هذا الاسد في مدينة بابل التي تبعد 90كم الى الجنوب من بغداد اسمها تبلور عن الاسم البابلي “باب أيلو” أو باب أيلي*، وهي من المدن المعروفة.
ويرجع تاريخ مدينة بابل الاثرية الى عصور قبل التاريخ نحو (4000 ق.م) الا ان اقدم اشارة تاريخية لهذه المدينة قد جاء من عهد السلالة الاكدية في حدود (2350 ق.م) وكذلك ذكرت المدينة في اخبار سلالة اور الثالثة ([3]).
تعرف السياحة على انها صناعة تعتمد على حركة السكان أكثر من البضائع. كما تعرف بأنها نشاط يعتمد على تحرك أشخاص وليس تحرك بضاعة ومنتجات ومواد([4]).
تقسم السياحة الى نوعين:
1- السياحة الداخلية. معناها انتقال الأفراد داخل البلد نفسه أي مواطني الدولة نفسها داخل البلد.
2- السياحة الخارجية: معناها انتقال السواح الأجانب إلى بلد من
بالنسبة لمنطقة الدراسة محافظة بابل تعتبر أكثر المحافظات العراقية أهمية بالنسبة للمناطق الأثرية. بحيث ظهرت على أرضها حضارة عريقة مزدهرة ما زالت أثارها قائمة حتى يومنا هذا.
حيث تعد مدينة بابل الأثرية إحدى أهم مدن حضارة وادي الرافدين وذلك ان الحضارة البابلية هي أقدم حضارات العالم المعروفة والتي ازدهرت فيها الفنون والعمران والادب والنظم السياسية والقانونية ومنذ قيام سلالتها الأولى من 1580-1880 ق.م([5]).
وتقع مدينة بابل الأثرية على مسافة(90) كم جنوب مدينة بغداد (10) كم شمال مدينة الحلة. ويمكن الوصول إليها بالطريق الرئيسي(بغداد- حله) وبطريق سكة حديد(بغداد- بصرة) الذي يمر بجوار مدينة بابل([6]). حيث نوفر خطوط النقل هذه موقع المدينة بالقرب من مركز المحافظة ساهم في زيادة عدد زوارها. وهذا ما جعلها مقصداً للسياح الأجناب. حيث بلغ مجموع أعداد السياح العرب والأجانب الوافدين لمنطقة أثار بابل لعام 2016(5950) بينما بلغ مجموع أعداد السياح العراقيين الوافدين لمنطقة أثار بابل من كافة محافظات القطر لنفس العام(5697) سائح([7]).
حيث تعد مدينة بابل التاريخية من أهم المناطق الأثرية في المحافظة والتي يمكن ذكرها حسب الأهمية.
لقد كشفت التنقيبات في تلال بابل عن آثار نفيسة سواء في القصور والمعابد أو المحتويات. تدل على عمق الحضارة البابلية وأصالتها وتحديها للظروف التي مرت بها ولعل أهم تلك الآثار والمكتشفات هي(بوابة عشتار وشارع الموكب ،القصور الملكية في بابل ،معابد بابل، زقورة بابل، والجنائن المعلقة، المسرح الإغريقي) حيث تعد آثار مدينة بابل التاريخية من أهم المناطق الأثرية في المحافظة وميزها لأهمية مهرجان بابل الدولي الذي كان يقام في مدينة بابل التاريخية في المدة من الثاني والعشرين من شهر أيلول إلى الثاني من تشرين الأول من كل عا
والذي أصبح تقليداً سنوياً لإحياء آثار وتاريخ هذه المدينة العريقة. حيث يأتي إليه الوفود والسواح من كل مكان في العالم / مما استدعى ذلك مد طريق بطول (4) كم يتفرع من الطريق الرئيس(بغداد- حله) وتسيير خط للسكك الحديدية خط بغداد- آثار بابل. لغرض نقل المسافرين والسواح بسهولة ويسر، حيث يذهب الكثير من السواح والزوار لرؤية الآثار.
بالإضافة إلى أثار كيش(تل الاحيمر) التي تقع على مسافة(13) كم شمال شرق مدينة الحلة وآثار برس(النمرود) الواقع على مسافة(15) كم جنوب غرب مدينة الحلة وآثار كوثا التي تقع على بعد(50كم) شمال شرق مدينة الحلة إضافة غالى آثار جمدة نصر التي تقع على مسافة(55) كم شمال شرق الحلة وآثار العقير التي تقع في منطقة مشروع المسيب الكبير([8]) حيث تحظى هذه المواقع الأثرية بأهمية سياحية من خلال توافد الزوار إليها من مختلف محافظات القطر ومن الوفود العربية والأجنبية. لا سيما وان محافظة بابل تتمتع بشبكة طرق جيدة سواء(طرق رئيسة أو ثانوية أو ريفية) تسهل عملية نقل المسافرين والسواح إلى هذه المواقع الأثرية.
([1]) مظلوم، طارق عبد الوهاب، النحت في عصر فجر السلالات حتى العصر البابلي الحديث، حضارة العراق، ج4، ص98.
* اسمها القديم في السومرية ka.dingir.ra والتي يقابلها بالاكدية bab-ili الذي يعني باب الاله.
([3]) باقر، طه، بابل وبورسبا، مديرية الاثار العامة، ط1، مطبعة الحكومة، بغداد، 1959، ص2.
[4] صباح محمود محمد وآخرون، مقدمة في الجغرافية السياحية، المكتبة الوطنية، بغداد، 1980، ص(10).
[5] فضل احمد يونس. الجغرافية السياحية- الجامعة اللبنانية دار النهضة العربية، بيروت، 1995، ص(25).
[6] مديرية طرق وجسور محافظة بابل، الشعبة الفنية، بيانات غير منشورة.
[7] دائرة آثار وتراث بابل، سجلات إحصاء الزوار، بيانات غير منشورة.
[8] جاسم شعلان كريم الغزالي، التباين المكاني للواقع الأثرية في محافظة بابل وأهميتها الاقتصادية، مجلة كلية التربية الأساسية، جامعة بابل، العدد الثالث، 210، ص215-217.