
السيناريوهات المتوقعة لسوق الذهب
ا.د عادل الوزني
مستقبل سوق الذهب سيتشكل عبر تفاعل مجموعة من العوامل الاقتصادية، الجيوسياسية، والتكنولوجية. فيما يلي تحليلًا موجزًا للتوجهات المحتملة:
1.العوامل الداعمة لصعود الذهب:
-التضخم والاضطرابات النقدية:
مع تحول النظام المالي العالمي نحو تعدد العملات الرقمية (مثل اليوان الرقمي)، قد تزداد حاجة الدول والمستثمرين إلى الذهب كملاذ آمن للتحوط من تقلبات العملات الرقمية والسياسات النقدية غير المستقرة.
-ارتفاع التضخم العالمي بسبب السياسات النقدية التوسعية أو أزمات الطاقة قد يعزز الطلب على الذهب.
-التوترات الجيوسياسية:
الصراعات التجارية (مثل الحرب الباردة بين الصين والغرب)، أو النزاعات الإقليمية (مثل تايوان أو الشرق الأوسط) تدفع المؤسسات والأفراد إلى اللجوء للذهب كأصل ملموس بعيدا عن المخاطر الرقمية.
-تحول الاحتياطيات العالمية:
الدول التي تسعى لتقليل اعتمادها على الدولار (مثل روسيا، الصين، ودول البريكس) قد تزيد من حيازاتها من الذهب كجزء من استراتيجية نقدية بديلة.
٢.التحديات التي تواجه الذهب:
-صعود العملات الرقمية:
انتشار العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) أو الأصول الرقمية مثل البيتكوين قد ينافس الذهب كوسيلة استثمارية أو تحوطية، خاصة لدى الأجيال الشابة.
-تعزيز الدولار:
إذا نجحت الولايات المتحدة في إصدار “دولار رقمي” أو فرضت هيمنة جديدة عبر تقنيات مالية، قد يتراجع الطلب على الذهب مؤقتًا.
-التقدم التكنولوجي:
تقنيات التعدين الحديثة أو اكتشاف مناجم جديدة قد تزيد المعروض العالمي من الذهب، مما يحد من ارتفاع الأسعار.
٣.سيناريوهات محتملة لمستقبل الذهب:
السيناريو الأول: الذهب كـعملة عالمية بديلة:
في حال تفكك هيمنة الدولار وانتشار النظام المالي متعدد الأقطاب (دولار/يوان/يورو)، قد يصبح الذهب أداة توافقية لتسوية التجارة بين الكتل الاقتصادية المتنافسة، مما يرفع قيمته إلى مستويات قياسية (قد يتجاوز 3,000 دولار للأونصة).
السيناريو الثاني: تراجع الدور التقليدي للذهب :
إذا سيطَرت العملات الرقمية على النظام المالي العالمي (خاصة إذا كانت مدعومة بأصول ذكية أو تكنولوجيا لا مركزية)، قد يفقد الذهب جاذبيته كملاذ آمن، خاصة إذا وُجِدَت بدائل رقمية أكثر كفاءة.
السيناريو الثالث: التوازن بين القديم والجديد:
الذهب يحافظ على مكانته كـأصل تحوطي تقليدي في محافظ الاستثمار، بينما تتعايش معه الأصول الرقمية، مع تحديد السعر وفقًا للأزمات الدورية (مثل الركود أو الحروب).
٤.توقعات فنية قصيرة ومتوسطة المدى:
في هذا العام قد يشهد الذهب تقلبات حادة بسبب تباين سياسات البنوك المركزية (الفيدرالي الأمريكي vs البنك الصيني).
النطاق المتوقع: 3000 – 3.500 دولار للأونصة.
بعد 2026:
– إذا تعمقت أزمة الديون العالمية أو تصاعدت الحرب الباردة التكنولوجية، قد يحطم الذهب حاجز 3.500 دولار.
– في حال تبني العالم عملة رقمية عالمية (مثل حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي)، قد يتراجع الذهب إلى أدنى من 2000 دولار.
الخلاصة:
الذهب سيظل سلعة استراتيجية في النظام المالي، لكن وزنه النسبي سيعتمد على:
– قدرته على منافسة الأصول الرقمية في عصر “المال السريع”.
– مدى تصاعد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.
– تحول البنوك المركزية إلى مشتري شبَه دائمين للذهب (خاصة في دول الشرق والجنوب العالمي).
الذهب ليس مجرد معدن ثمين، بل ورقة رابحة في لعبة إعادة تشكيل النظام المالي العالمي.