جميلة.. جوهرة تعيدك إلى العصر الروماني في الجزائر

تقع مدينة جميلة، أو مدينة “كويكول” الأثرية، على بعد 50 كلم شمال شرق مدينة سطيف بالقرب من الساحل الشمالي الشرقي من الجزائر العاصمة، وقد كانت في القدم أحد المدن الرومانية الهامة ولعل ما تبقى بها من آثار مازالت تحتفظ بهيكلها الأصلي إلى الآن وإدراجها على قائمة اليونيسكو في عام 1982 أبرز الدلائل على ذلك.

وتحت اسم Cuicul، بنيت المدينة خلال القرن الأول الميلادي بوصفها حامية عسكرية تقع على هضبة مثلثة ضيقة ذات تضاريس وعرة بعض الشيء، كونها تقع في نقطة التقاء نهرين. وقد اتجه مؤسسيها إلى خطة موحدة في البناء بما في ذلك ساحات في المركز وشوارع الرئيسية، وبعد أن كانت مستعمرة عسكرية تحولت لتصبح سوق تجارية كبيرة، وكانت الموارد التي ساهمت في ازدهار هذه المدينة الزراعية قديما (الحبوب، أشجار الزيتون والمزارع).

بنيت Cuicu على ارتفاع 900 متر فوق مستوى سطح البحر في موقع استراتيجي هام على مفترق الطرق بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب على سلسلة من التلال الجبلية، وتحيط بها الوديان، فكانت المدينة التي يصعب الوصول إليها وبالتالي فكان من السهل الدفاع والمراقبة من القمم المحيطة بها.

وتتكون المدينة من ثلاثة أجزاء: المدينة القديمة أو الضواحي الشمالية، المدينة الجديدة أو المناطق الجنوبية ومنطقة تسمى ” المسيحية “جنوب شرق البلاد. وقد شهدت السنوات الأخيرة إنشاء المتحف، الذي يتم الوصول إليه من المناطق الجنوبية بواسطة درب تصطف حوله الأشجار والمروج، بالقرب من مدخل الحديقة الأثرية الواقعة في أدنى جزء من المدينة.

يوجد بالمدينة ساحتان عموميتان

وتضم منطقة جميلة الأثرية العديد من المعالم الأثرية الرومانية ويوجد بها ساحتان عموميتان أولهما كانت تعتبر مركز الحياة السياسية للمدينة، بها قاعة اجتماع مجلس الشيوخ والمحكمة ومعبد فينوس، وتقع على جانب الطريق أو الكاردو الرئيسي شرقا، وهي ساحة مبلطة طولها 48 م وعرضها 44 م. وكانت قد نصبت على بلاط الساحة تماثيل عديدة نقشت عليها إهداءات تشهد على الإخلاص للأباطرة وعلى ذوق التباهي والتفاخر لدى البرجوازية الإفريقية، ومازالت ظاهرة للعيان لحد الآن.

الفورم الجديد بالمدينة

أما الثانية فكانت تسمى بساحة الجنوب، وتعتبر حديثة النشأة بالنسبة للأولى، فقد بنيت الساحة الثانية بسبب ضيق المساحة والتوسع العمراني، حيث تشرف على الساحة بنايتان عظيمتان هما “قوس النصر” الذي أقيم عام 216 م على شرف الإمبراطور “كاركلا”، الذي أعيد ترميمه اليوم، وكان يستخدم كمدخل للساحة، والمعبد الكبير الذي شيد سنة 229م تكريما وتخليدا لأسرة “سيفي روس”، والذي يتقدمه ما يسمى ب “المسرح” الذي حفر في هضبة تستند إلى مقاعد المدرجات.

في أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث ميلادي أصبح حصن المدينة الأصلية ” الفورم القديم” الذي كان مركز الحياة السياسية للمدينة لا يتناسب مع حجم التوسع العمراني بالمدينة فتم بناء ساحة عمومية ثانية سميت أيضا فوروم الجنوب أو ساحة السيفيريين. وعلى عكس المخطط الكلاسيكي، فإنّ هذه الساحة ذات الشكل غير المنتظم كانت أوسع من الفوروم القديم وأقل منه ازدحاماً، كما كانت مفتوحة لحركة المرور.

 

كانت دكاكين كوزلنيوس في جميلة شبيهة بدكاكين تيمقاد، ولكنها أكثر خزفًا، كما كان لهذه السوق رتاج خارجي مرفوع على ستة أعمدة، وبركة وغرفة للموازين وتماثيل للمؤسس وأخيه والإله مركور ويعد سوق كوزلينيوس من أشهر الأسواق وبه رواق خارجي مرفوع على ستة أعمدة وبركة وغرفة للموازين وتماثيل للمؤسس وأخيه، وقد وجدت الكثير من الوسائل والأواني التي كانوا يستعملونها والدالة على طريقة عيشهم، بالإضافة إلى الحلي التي كانت مدفونة بباطن الأرض.