السياحة الدولية في عصر COVID-19
أ.م. سمير خليل شمطو
كلية العلوم السياحية – جامعة كربلاء
semir.khelil@uokerbala.edu.iq

السياحة قطاع اقتصادي مهم في الناتج المحلي للعديد من البلدان التي يعتمد اقتصادها على هذا القطاع، وعلى الخصوص البلدان غير النفطية. كما أنها أخذت حيزاً كبيراً في الاستثمارات العالمية، واتجهت بعولمتها لتكون سلسلة مميزة من الخدمات السياحية التي تنافست عليها الأمم، سواء في القطاعات الغذائية السياحية أو الفندقية أو النقل السياحي وغيرها من الخصائص المستحدثة في المجال الخدماتي السياحي.
تمثل صناعة السياحة والسفر أكثر من (10%) من النمو الاقتصادي العالمي، وكان من المتوقع أن يكون معدل النمو العالمي في العام 2020 أعلى بكثير من معدله في العام 2019. ويبلغ حجم القطاع السياحي في الاقتصاد العالمي يبلغ سنوياً قرابة (8.5) تريليون دولار.
وعلى الرغم من التحديات السياسية الدولية الذي شهدها العالم وعلى الخصوص منذ أواخر العقدين من القرن الماضي والى يومنا، وعلى الرغم من ظهور أمراض جديدة على البشرية والتي أدت الى إحداث أزمات صحية انعكست على السياسات المالية دولياً، وما تبع ذلك من أزمات سياحية إلا أن مسار السياحة الدولية اتخذ منحنياً تصاعدياً، ولم تعرف السياحة تراجعاً ملحوظاً إلا في عام 2003 بفعل فيروس (سارز)، والحرب الدولية على العراق، وكذلك الأزمة الاقتصادية والمالية في عام 2009، غير أنها سرعان ما انتعشت بقوة في السنوات التي أعقبتها.
أثر تفشي مرض فيروس كوفيد – 19 (كورونا) على كل من العرض والطلب على السفر، وانطلاقاً من الصين، وهي السوق المصدرة الرائدة في العالم من حيث الإنفاق، وتأثر المقاصد الآسيوية والأوروبية نتيجة التفشي، ما انعكس على تقييد عملية التنقل والسفر، وفرض القيود على الرحلات أو الحد من تواترها، بل وإلغائها، ما أدى الى تقلص ملحوظ جداً في عرض خدمات السياحة والسفر نتيجة استمرار التراجع وانخفاض الطلب.
وإن تفشي المرض لغاية كتابة هذا المقال في الساعة الرابعة والنصف عصر يوم الخميس الموافق 30 نيسان 2020 بلغ وفق الجدول الآتي:

عدد الإصابات 3،244،524
الوفيات 229،179
الشفاء 1،016،321
المصابون حالياً 1،999،024
الحالات الحرجة 54،916 (3%)
الحالات المعتدلة 1،944،108 (97%)
عدد الدول والأقاليم 211
المصدر: بالاستناد على بيانات منظمة الصحة العالمية (www.worldometers.info).

إنّ القطاع السياحي اليوم، يعدّ أكثر القطاعات تضرراً من تفشي مرض فيروس كورونا، إذ بدى واضحاً جلياً على مدى تأثر العرض السياحي والطلب السياحي، وأسفرت خسائر القطاع ما بين (30 – 50) مليار دولار في إنفاق السياح الدوليين، بمعنى خسارة الإيرادات السياحية الدولية. وأن التوقعات الاقتصادية السياحية المستقبلية تشير الى تدهور سريعاً في هذا القطاع بعد أن كان متوقعاً لهو أن يسجل نمواً في عام 2020 تتراوح نسبته بين (5-6)%. كما يتوقع للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تتأثر بصورة خاصة. ويؤشر صندوق النقد الدولي الى أن الناتج العالمي سيتراجع بنحو (3 %)، وقد تصل الخسائر الإجمالية نحو (9 تريليونات دولار) خلال عامين. وتبرز إيطاليا من الاتحاد الأوروبي، إذ يشكل القطاع السياحي فيها نحو (13%) من الناتج المحلي، وتعدّ مركز تفشي الفيروس في أوروبا. كما يسهم القطاع السياحي في تركيا بما نسبته 12.1% من الناتج الإجمالي المحلي فيها، ولن تتعافى بالكامل إلا في 2021 – 2022.
أما في جانب العمالة السياحية؛ فيشير المجلس العالمي للسفر والسياحة الى إن هذه الصناعة أتاحت حوالي (319) مليون وظيفة أي حوالي (10%) من مجمل الوظائف العالمية في 2018. وأن فيروس كورنا ذو تأثير على نحو (2.7) مليار عامل، أي (4) من بين كل (5) من القوى العاملة في العالم. وتشير الإحصائيات الصادرة عن المجلس العالمي للسفر والسياحة الى أن الفيروس يهدد (50) مليون وظيفة للقطاع السياحي في العالم. ويؤكد في هذا الجانب؛ غاي رايدر مدير عام منظمة العمل الدولية: من المتوقع أن تؤدي أزمة وباء فيروس كورونا المستجد إلى إلغاء (6.7%) من إجمالي ساعات العمل في العالم في النصف الثاني من عام 2020، أي خسارة نحو (195) مليون وظيفة بدوام كامل حول العالم، من بينها (خمسة ملايين وظيفة في الدول العربية فقط). مع الأخذ بنظر الاعتبار أن (144) مليون عامل يعمل في قطاع الغذاء والفنادق في العالم. ويوضح الشكل البياني التالي؛ السياحة الدولية (1995 – 2019):