المواضيع ألأدبيه ألمشتركه بين الفارسية والروسية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر

المواضيع ألأدبيه ألمشتركه بين الفارسية

 

والروسية في

 

النصف الثاني من القرن التاسع عشر

 

بقلم الاستاذ خالد التميمي

 

يتلخص موضوعنا بدراسة المواضيع الأدبية المشتركة في اللغة الفارسية و الروسية، إذ شكلت المواضيع الفارسية في الأدب الروسي في القرن التاسع عشر نقطة الانطلاق في تطور العلاقات الثقافية العالمية. و دخولها في مستوى جديد نوعياً، والتي كانت الأساس بالنسبة للانقطاعات المتبادلة و الإثراء المتبادل.

مثلت المواضيع الشرقية مرحلة مهمة في تطور العلاقات الأدبية الروسية – الفارسية.و قد أشار العالم الروسي ي. د. يرماكوف بأنصاف : ( القرن الذهبي في الشعر و الأدب الروسي –  هو القرن التاسع عشر) كانت المواضيع الفارسية مصورة بوضوح في إبداع أ. س. بوشكن، أ:س. كَريبيدف ،م.يو.ليرمنتف،  أجوكوفسكي في الأغلب في النصف الأول من القرن التاسع عشر. لكن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر تواصلت العلاقات الأدبية في الأدب الفارسي بفضل التراجم المتعددة من الأصل و اطلاع القارءى على الشعر الغنائي الفارسي الذي نقل في إبداع الكتاب الروس العمالقة الذين ورد ذكرهم آنفاً. تميز الاهتمام بالأدب الشرقي بوضوح الصور، و الوجدانية ، والإيجاز والفكرة الفلسفية العميقة، التي كانت بصفة مواجهة للتقدم التقني العلمي الذي بدأ يتطور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر,و بهذا الشكل أظهرت ضرورة الإثراء بالصور و الأجناس الفنية الجديدة اتصالاً عميقاً في الأدب الشرقي والروسي.

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان قد حصل المثقفون الروس على فرصة التعرف الأعمق على الأدب الفارسي و شعر الشعراء و الكتاب الروس برغبة النقل في إبداعهم للتحليل النفسي العميق، و الإحساس و الثروة الروحية تلك التي ميزت الشعر الشرقي . اشترطت الاتجاهات الأساسية للإثراء المتبادل في الأدب الشرقي الروسي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر من وجهة نظرنا الاتجاهات الآتية:

 

أولاً: الأفكار الديمقراطية المنادية بحرية الشعب من الاضطهاد و التعسف.

 

ثانياً: كون التأثير المتبادل للمواضيع الأدبية الفارسية المؤثرة في الأدب الروسي شعورا عالميا محسوساً و عاطفة0إذ صور تأثير مواضيع الشعر الغنائي الوجداني في الشعر الفارسي في الأغلب في إبداع الشاعر الروسي الكبير سيركي يسينين عام(1895-1925 ).

 

ثالثاً: يتميز الأدب الفارسي باكتشاف الصور من الأساطير القديمة للمسلمين التي تتأمل في الحياة و الموت، و فكرة الوجود.

 

رابعاً:تركت الموعظة الشعرية المبسطة في الشعر الفارسي أثراً قوياً كذلك على الكتاب والشعراء الروس و على وجه الخصوص في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حين كان المجتمع بحاجة إلى الأفكار التنويرية.

خامساً: توحد الأدب الشرقي و الأدب الروسي في السعي إلى اقترابه من القارءى االبسيط0  إذ صورت في الأدب الفارسي صور سلالية شعبية جدا، و مواضيع فلكلورية في جنس الحكايات الفنية ( ألف ليلة و ليلة) و حكاية ( شاه-نامه) للفردوسي .

 أظهر كتاب ( كليلة و دمنة) تأثيراً قوياً في الأدب العالمي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومن بينه في الأدب الروسي – كُتب الكتاب باللغة السنسكريتية القديمة,و أول من ترجم الكتاب إلى اللغة الفارسية بروزي ومن ثم في عام 750 ترجم الكتاب إلى اللغة العربية عبد الله محمد أبن المقفى ( 724- 859), وكان مؤلف ( كليلة و دمنة ) الفيلسوف الهندي بابيديا.

سادساً: المواضيع الدينية ، و العلاقة مع الله متشابهة في ثقافات الشرق و روسيا,إذ أثرت الصور الدينية المأخوذة من القران في فهم رُقي الديانتين.

 

يستخلص من مجموع ما ذُكر آنفاً إلى أن الأدب الفارسي الضخم بفضل إيجازه، وعمق الفكرة الفلسفية ، و وضوح الصور و موسيقى المقطع الشعري ، على امتداد كل تاريخه أظهر تأثيرا كبيراً في كل الأدب العالمي و على وجه الخصوص في الأدب الروسي  إذ اكتسبت مشكلة التأثير المتبادل  للثقافة أهمية ذات أولوية في نظرية الأدب المعاصرة بين الشخصيات التاريخية الكبيرة إلى توحيد انجازات  الثقافات الأممية المختلفة  يسمح تحليل إبداع الشعراء و الكتاب الروس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بوصف سُنن التطور العميقة في العملية الإبداعية الأممية المكتشفة في دراسة قضايا التأثير ألأممي المتبادل  أغنى الأدب الروسي في مسيرة الاتصال الفعال مع الآداب  الأممية ، و على وجه الخصوص الأدب الفارسي الكلاسيكي، مثال شعر سعدي ، و الفردوسي ، و الخيام و حافظ و بهذا الشكل توسعت مواضيع الأدب الفارسي و تعمق التوغل في جوهر الطابع القومي ، و أساليب التأليف الموسيقي ، و طراز الأدب الشرقي.

اكتسب الأدب الروسي باستمرار خبرة الاسترجاع المماثل و الأكثر عمقاً للواقع، و أدراك العالم و الإنسان, صاحب هذه العملية تراكم السمات الواقعية بشكل مستمر في مقاييس الأدب العالمي – توسع تكوين الأدب على حساب ظهور اتجاهات جديدة دائما ، في الأجناس الفنية و الصيغ، نظراً لدخول كل الآداب الفنية الجديدة في المسيرة العامة0  و في المرحلة المعاصرة بسبب اتجاهات العولمة تجري العملية المتكاملة في الثقافة الشرقية و الغربية بخطوات سريعة.

 

عبر  جيخف باقتضاب و اتساع كما الشعراء الشرقيون عن ملاحظة فلسفية رائعة في الاستشهاد التالي: (أنا أومن أن لاشيء يمضي بدون أثر و كل خطوة صغيرة جداً تمتلك أهمية بالنسبة للحياة الراهنة و المستقبلية) يمكن أن تبحث القصيدة التالية للشاعر الفارسي حافظ في بحث الإثراء المتبادل لثقافات الشعوب المختلفة:

 

كُن فقيراً، مثل حافظ ، احتقر هدر الدنيا.

الكبير من لا يأخذ كل شيء ، بل من يعطي الآخر كل شيء.

( ترجمة كُ . بليستسكي)