التسونامي في القرآن

التسونامي في القرآن

ربما جميعنا رأى تلك الكارثة التي ضربت شواطئ إندونيسيا عام 2004 بسبب انزياح في قاع المحيط الهادئ، أدى إلى حدوث ظاهرة التسونامي والتي أدت إلى دمار رهيب يقدر بعشرات المليارات الدولارات، وتشريد ملايين الأشخاص ووفاة مئات الآلاف!!

فتذكر قوله عز وجل: (ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر: 16]. إنها قدرة الله القائل أيضاً: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) [الملك: 16]. وما هذه الكارثة إلا خسف ضئيل في قشرة الأرض تحت البحر، فتأمل لو أن الله تعالى خسف بنا لوحاً أرضياً بأكمله فهل يبقى من المخلوقات شيء؟

إن المؤمن الحقيقي لا يأمن عذاب الله بل تجده دائم الخوف والخشية من الله تعالى: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ) [النحل: 45-46].

إن علماء الغرب ينسبون هذه الظاهرة للطبيعة وقوانينها، ولكننا كمسلمين نؤمن بأن كل شيء هو من عند الله تعالى، فإننا ننظر إلى هذه الظاهرة كإنذار من الله تعالى لعباده يحذرهم به من الاقتراب من الفواحش أو المنكرات.

وقد نعجب إذا علمنا بأن القرآن الكريم قد ربط بين خسف الأرض، أي انزلاق جزء من قشرتها، وبين الغرق، يقول تعالى: (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا * أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا) [الإسراء: 68-69].

     لقد عبّر القرآن عن هذه الظاهرة بقوله تعالى: (يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ)، فلم يقل (البرّ) إنما قال (جانب البرّ)، للدلالة على وجود جوانب متعددة للبرّ، وهو ما يسميه العلماء بالألواح الأرضية، حيث اكتشفوا أن القشرة الأرضية ليست كتلة واحدة، إنما هنالك مجموعة من الألواح لكل لوح حواف وجوانب محددة، وهذا من دقة التعبير القرآني. وفي نفس النص نجد قوله تعالى: (فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ) وهذا يدل على دقة التسلسل العلمي للأحداث في القرآن العظيم. أي الخسف ثم الغرق.

وفي عذاب الأمم السابقة بسبب ظلمهم ربطاً بين خسف الأرض وبين الغرق من خلال قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت: 40]. وهنا جاء التسلسل بخسف الأرض ثم الإغراق وهذا ما يحدث فعلاً.

 

ينبغي على كل مؤمن عندما يرى هذه الكوارث أن يحمد الله تعالى ويسأله العافية والنجاة، وربما أجد خير دعاء لمن يتعرض لمثل هذه الكارثة في دعاء سيدنا يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت وفي ظلمات البحر عندما نادى ربه فقال: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 87-88].