قصر نبوخذ نصر الكبير

قصر نبوخذ نصر الكبير

سمير خليل شْمُطو

      شيد قصر نبوخذ نصر الكبير في مكان مجرى الفرات القديم، وكان هذا القصر موضع رعاية خاصة من قبل الملك، وحدوده من الغرب كان يحف به نهر الفرات وهو كسد طبيعي، ومن الشمال كانت تحميه أسوار المدينة ومن الشرق والجنوب سور قوي، ويدخل قصر نبوخذ نصر ضمن مجموعة الأبنية الملكية التي حددتها الحفريات بدورها في آشور، وكانت المادة التي استخدمت في البناء هي الصلصال، وقد شيد القصر على سطح متين حتى قيل في وصف المكان (صلب كالجبال).

    ومن جميل ما يمكن تدوينه عن ابن نبوخذ نصر وهو( نبوبلاصر ) قوله يصف قصر أبيه بالقول : لقد نشرت لواء السلام بين شعوبي كلها، وكدست كمية من الحبوب لا تحصى، ثم أعدت عندئذ بناء القصرداري الملكية، رابطة الشعوب القوية، دار الفرح والسعادة، وأرسيت أسسه على الأسس القديمة بواسطة النار والأجر، حتى لامس العالم السفلي، واستقدمت شجر الأرز الضخم من لبنان، تلك الغابة العظيمة لأرف به سطحه وأحطت هذا القصر بجدار كبير.

    ومن هنا كنت أملي قراراتي الملكية وأوامري السلطانية، ويمكن أن نستنتج هذا القول إن نبوبلاصر قد جدد بناء قصر والده، ليكون اكثر جمالية و متانة، وأن سلطته قد وصلت إلى لبنان ليجلب منها شجر الأرز وربما كانت البيئة في بابل صالحة لعملية إنبات ذلك الشجر.

      ومن خلال التنقيبات الأثرية الّتي قامت البعثات الألمانية الأثارية وجدوا في الزاوية الشمالية من قصر نبوخذ نصر الجنوبي، وفي مكان قريب من بوابة عشتار وشارع الموكب بناية تشبه المستطيل أبعادها 42 × 30 متراً منخفضة عن بناية القصر، وتتألف هذه البناية من حجرات متوازية ومتشابه عددها 14 سقيفة مؤلفة من صفين.  و” قد وجد في أحد الحجرات على بئر ذا ثلاث حفر الواحد بجنب الأخري. 

    فسرت بأن الماء كان يرفع منها بواسطة دولاب إلى الجنائن المعلقة. ” إن هذه الجنائن عدت إحدى العجائب السّبع في العالم وزرعت بالأشجار والأوراد ، وما يعتقده المؤرخون أن تشييد هذه الجنائن كان من أجل زوجة نبوخذ نصر( أمانس بنت استياكس) التي اعتادت العيش فوق الجبال الخضر، ويعتقد أنّ الجنائن المعلقة التي وصفها المؤرخون الكلاسيكيون والتي انشأها (نبوخذ نصر) إرضاءً لزوجته الميدية،  وتعبيرا عن الرضا المادي والصفاء النفسي ، ويعتقد أنها تقع فوق القصر الجنوبي ، وأنها كانت على عدة طبقات تعلو بعضها البعض بهيئة متدرجة، وتنطوي على حدائق عامرة بالأزهار والورود جلبت من مختلف أنحاء الأرض، وكانت هذه الجنائن على شكل مستطيل أبعاده التقريبية ( 110×230 م).    

      وقد أشار بعض الباحثين أن هناك الكثير من الأشجار الّتي نقلت من سواحل بحر ايجة لزرعها في بابل كي تضفي جوا شبه إغريقي على المنطقة، وهكذا بقيت بابل تغري ملوك العالم وتشدهم إليها. وتعدّ هذه الحدائق الّتي بناها نبوخذ نصر لزوجته من عجائب الدنيا السبع، ولقد كانت هذه المرأة تتشوق لحدائق وطنها ميديا وإن هذه الحدائق كانت محاطة بخندق مائي يقال أنّها بنيت في القرن السابع قبل الميلاد، وكانت هذه الحدائق وسطية ومحاطة بحيطان المدينة وبخندق مائي لصد الجيوش الغازية.    

    ولا بد أن نشير إلى أنّ الحدائق ليست معلقة فعليا، بل مجموعة من المدرجات الصخرية الواحدة تلو الأخرى على امتداد أربعة أفدنة على شكل شرفات معلقة على أعمدة ارتفاعها 75 قدما، وقد زرعت الأشجار والنباتات والزهور في طبقة كثيفة من التربة على كل مدرج من المدرجات الصخرية وكانت تبدو للمشاهد من بعيد وكأنّها معلقة في الهواء، وكان الماء يرفع ويخزن في الطبقات العليا بصهاريج لسقاية الأشجار، ويعد بناء الجنائن من أعظم الفنون المعمارية في ذلك الوقت.